روسيا ومغامرتها السورية .. الحسابات والرهانات




مع بدء تدخلها العسكري في سوريا، أصبحت روسيا بزعامة فلاديمير بوتين رسميا عنصرا مقررا في مسار الأزمة التي تلم بهذا البلد العربي، منذ أربعة أعوام ونصف.
حصل ذلك بعد ثبوت عدم فعالية التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة وحربه على تنظيم الدولة الإسلامية. وتم أيضا إثر تراجعات ميدانية مشهودة لحليف موسكو نظام الرئيس بشار الأسد، تقلصت بنتيجتها سيطرته العسكرية إلى حدود دمشق وحمص والشريط الساحلي. أي: ما يوازي ربع الجغرافيا السورية.
وكان واضحا من ردود الفعل الأولية أن التدخل الروسي -المنسق مسبقا مع إيران وحلفائها المحليين باعتراف أمين عام حزب الله اللبناني- باغت الولايات المتحدة، وأجبرها على الدخول في عملية تنسيق ميداني مع مسؤولي وزارة الدفاع الروسية بعد الإعلان عن نشر الطائرات الروسية في اللاذقية نهاية سبتمبر/أيلول 2015. كما دخل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بدوره على خط الأزمة في الفترة نفسها، وزار موسكو بحثا عما يعده حفاظا على مصالح أمنية لإسرائيل في سوريا.
يمثل التدخل الروسي الآتي تحت راية "مكافحة الإرهاب" منعطفا في مسار الأزمة السورية، سواء نجح في إيقاف نظام الرئيس بشار الأسد على قدميه، أو حد على الأقل من خسائره. ويحفل هذا التدخل بمغاز كثيرة، تبدأ بإشعار مسيحيي سوريا والعراق بالأمان بعدما هددوا بـ"الجزية" ، ولا تنتهي بمهمة مطاردة الشيشان والقوقازيين المنخرطين بتنظيم الدولة قبل انتقالهم إلى أرض روسيا.
الجزيرة نت تبحث في مآلات التدخل العسكري الروسي في الحرب السورية، فتعرض بطاقات وتقارير عن جذور الوجود الروسي - السوفياتي في هذه الأرض العربية، وأشكال الحضور الروسي الحالية عسكرية وثقافية. كما تعرف بالمواقف الروسية في مجلس الأمن التي حمت نظام الرئيس الأسد في سنوات الثورة الأولى.

تعاون سوري - سوفياتي(روسي)


من جنيف 1 إلى الحرب

مبادرة كيري لافروف اكتسبت زخمها بعد هجوم الغوطة(الجزيرة)
كثيرة هي المبادرات التي طرحت لحل الأزمة السورية، التي بدأت ثورةً شعبية تطالب برحيل الأسد في منتصف مارس/آذار 2011، وتحولت إلى نزاع مسلح، ثم إلى ساحة حرب وتصفية حسابات إقليمية ودولية.
أولى مبادرات الحل التي شكلت -حسب المراقبين- أساسا لإيجاد حل للأزمة السورية كانت اجتماعا عقدته مجموعة الاتصال حول سوريا بجنيف في نهاية يونيو/حزيران 2012، برعاية الأمم المتحدة والمبعوث الدولي العربي كوفي أنان، واصطلح على تسميته "جنيف 1".
وحضر اجتماع جنيف وزيرا خارجية روسيا سيرغي لافروف والولايات المتحدة هيلاري كلنتون اللذان كانا قد عقدا اجتماعا ثنائيا قبل اجتماع مجموعة الاتصال يعتقد أنهما توافقا خلاله على بنود الحل الذي أعلنه أنان.
وأبرز النقاط الرئيسية التي تضمنتها الخطة الانتقالية لمعالجة الأزمة السورية كانت وجوب تشكيل حكومة انتقالية تملك كامل الصلاحيات التنفيذية، والبدء بمراجعة للدستور إضافة إلى إصلاحات قانونية، بعد الانتهاء من المراجعة الدستورية، يجب الإعداد لانتخابات حرة ومفتوحة أمام الأحزاب كافة. ويجب وضع حد لإراقة الدماء، وعلى كل الفرقاء أن يجددوا دعمهم لخطة النقاط الست التي قدمها كوفي أنان، خصوصا وقف إطلاق النار واحترام بعثة مراقبي الأمم المتحدة والتعاون معها. ويجب تأمين استمرارية المرفق العام أو ترميمه، ويشمل الجيش والأجهزة الأمنية، ستخصص إمكانات مادية هامة لإعادة إعمار سوريا.
لافروف خلال لقاء مع زعماء المعارضة السورية في أغسطس الماضي ضم خالد خوجة(يسار الصورة) زغيم الائتلاف أسوشيتد برس)
هذه البنود بقيت حبرا على ورق، لأن الاتفاق لم يتمكن من تجاوز الخلافات بين الدول الغربية وروسيا بشأن رحيل نظام الرئيس السوري بشار الأسد ودوره في البلاد، واستمر النزاع في سوريا وتواصل معه البحث عن تسوية للأزمة السورية.
ففي مايو/أيار 2013 اتفق وزير الخارجية الأميركيجون كيري ونظيره الروسي سيرغي لافروف على العمل من أجل "جمع الطرفين المتصارعين في سوريا على طاولة الحوار" لوقف الحرب.
وقال كيري إن البديل هو "اقتراب سوريا أكثر من حافة الهاوية والفوضى". ورغم ذلك باءت المحاولات الأولى لترتيب المؤتمر بالفشل.
واكتسبت مبادرة كيري ولافروف زخما أكبر بعد هجوم بالأسلحة الكيميائية شنته القوات النظامية السورية على بلدة بريف دمشق في 21 أغسطس/آب 2013 وأسفر عن مقتل مئات الأشخاص.
وفي 27 سبتمبر/أيلول تبنى مجلس الأمن الدولي بالإجماع قرارا طالب بتدمير أو التخلص من الترسانة السورية من الأسلحة الكيميائية بحلول منتصف العام الجاري 2014.
كما دعا القرار إلى "عقد مؤتمر دولي في أقرب وقت ممكن لتطبيق بيان جنيف1 وطالب كل الأطراف السورية بالمشاركة بشكل جاد وبناء والالتزام بتحقيق المصالحة والاستقرار.
الأمم المتحدة نجحت عبر مبعوثها الخاص لسوريا الأخضر الإبراهيمي في جمع المعارضة والنظام السوري وجها لوجه، فكانت الوجهة مرة أخرى مدينة جنيف السويسرية التي احتضنت مؤتمر "جنيف2" للسلام الذي افتتحه الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون بحضور ممثلين عن الحكومة السورية والمعارضة، ووفود من 40 دولة دون مشاركة إيران.
المؤتمر كسابقه لم يحقق الاختراق المطلوب، بل فاقم الخلاف بين الغرب وروسيا التي قال وزير خارجيتها سيرغي لافروف إن المفاوضات "لن تكون سهلة ولا سريعة"، داعيا اللاعبين الخارجيين إلى عدم التدخل في الشؤون السورية، وقال إن "الشعب السوري هو من يقرر مصيره، والحل السياسي هو الحل الوحيد للأزمة".
"بدأت موسكو بالتحضير لمؤتمر للحوار الوطني السوري تحت مسمى "موسكو1" في يناير/كانون الثاني 2015 ثم أتبعته بـ"موسكو 2" في أبريل/نيسان الماضي، ولم يحقق المؤتمران أي نتيجة تذكر، خصوصا في غياب الائتلاف الوطني السوري المعارض."
ويرى مراقبون أن التعنت الروسي في حل الأزمة السورية مرده إلى أملهم باستعادة مفاتيح حل الأزمة السورية من أيدي القوى الإقليمية والدولية، إلى الداخل السوري، مما يسمح بتفاهمات خارج الضغوط.
مجرد أفكارورغم الحديث عن "مبادرات روسية" كانت تطرح بالإعلام بين الحين والآخر لحل الأزمة، رأى مراقبون أن ما كان يجري الحديث عنه لا يتعدى كونه أفكارا لا ترقى إلى مصاف مبادرة متكاملة، كونهم يستغلون فراغا سياسيا ويحاولون شغله، في ظل غياب الفاعلين الآخرين في الملف السوري عن القيام بأي فعل لحل عقد أزمته.
إضافة إلى أن طروحاتهم لم تخرج إلى الآن عن دائرة فشلها، وفشل الخطط والمبادرات التي سبقتها، لذلك ما زالت على الهامش، متقوقعة حول جسّ نبض المعارضة السورية والقوى الدولية الغربية، حيال محاولاتهم القديمة الجديدة، الهادفة إلى جمع المعارضة السورية مع النظام السوري، للتفاوض والحوار، بغية التوصل إلى حلول للأزمة في البلاد.
هذا الفشل دفع بموسكو إلى عدم تكرار تجربتي "جنيف" الفاشلتين، وبدأت بالتحضير لمؤتمر للحوار الوطني السوري تحتضنه تحت مسمى "موسكو1"  في يناير/كانون الثاني 2015 ثم أتبعته بـ"موسكو 2" في أبريل/نيسان الماضي، ولم يحقق المؤتمران أي نتيجة تذكر، خصوصا في غياب الائتلاف الوطني السوري المعارض.

وكان السفير الروسي في بيروت كشف عن أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين سيلعن في خطاب بمقر الأمم المتحدة في 28 سبتمبر/أيلول الماضي عن مبادرة لحل الأزمة السورية ومواجهة الإرهاب، لكن الخطاب لم يأت بأي جديد.

أرصدة "الفيتو المزدوج"


استخدمت الدول الكبرى حق النقض "الفيتو" في مجلس الأمن الدولي سلاحا، بما يناسب مصالحها بغض النظر عن صوابية القرار المطروح من عدمه، وتحول التنافس في مجلس الأمن الدولي بين هذه الدول إلى مظهر من مظاهر تسجيل النقاط على الخصوم، وإفشال مشاريعهم.
فالولايات المتحدة ومعها الدول الغربية حاولت إظهار كل من روسيا والصين بوصفهما البلدين اللذين يتحملان وزر إطالة أمد الأزمة في سوريا، ومسؤولية ما يرتكبه النظام فيها من جرائم ومجازر وتدمير وخراب، وبالتالي ظهر الساسة الروس والصينيون مسؤولين أخلاقيا وإنسانيا عن إراقة المزيد من الدماء السورية.
في المقابل اعتبر وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أن استخدام روسيا والصين حق الفيتو في مجلس الأمن الدولي أتاح إمكانية ظهور بوادر لتسوية الأزمة في سوريا. وقال لافروف إن الفيتو الروسي الصيني لم يسمح "بتحويل سوريا إلى ليبيا، التي تفككت كدولة".
فيتالي تشوركين عراب الفيتو الروسي في مجلس الأمن لحماية نظام الرئيس بشار الأسد(أسوشيتد برس)
ورفعت روسيا والصين "الفيتو المزدوج" أربع مرات في وجه مشاريع القرارات بشأن الأزمة السورية:
1-    في الخامس من أكتوبر/تشرين الأول 2011 أجهضت الصين وروسيا مشروع قرار يدعو "السلطات السورية إلى الوقف الفوري لانتهاكات حقوق الإنسان، والامتثال لالتزاماتها بموجب القانون الدولي المعمول به، كما دعا إلى عملية إصلاح سياسية شاملة بقيادة سورية حصرية للمعالجة الفعالة للتطلعات المشروعة ومخاوف شعب سوريا".
2-    في الرابع من فبراير/شباط 2012 استخدمت روسيا والصين حق النقض ضد مشروع قرار عربي-غربي لإقرار خطة الجامعة العربية التي تدعو إلى تنحي الرئيس بشار الأسد وتسليم سلطاته إلى نائبه. وأشار نص مشروع القرار إلى "تبني خطة عمل الجامعة والقرارات اللاحقة الصادرة عنها، بما في ذلك القرار الذي يهدف إلى التوصل إلى حل سلمي للأزمة، وأهمية ضمان العودة الطوعية للاجئين والمشردين داخليا إلى ديارهم في أمان وكرامة ووضع الدول الأعضاء في اعتبارها أن الاستقرار في سوريا هو مفتاح السلام والاستقرار في المنطقة".
3-    الفيتو المزدوج، الصيني والروسي، تكرر للمرة الثالثة في 18/07/2012، ضد مشروع قرار تقدمت به بريطانيا إلى مجلس الأمن، وينص على "تمديد مهمة المراقبين الدوليين لمدة 45 يوما، وفرض عقوبات على سوريا بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة إذا لم يقم نظام الأسد بسحب الأسلحة الثقيلة من المناطق السكنية في غضون عشرة أيام من بداية تطبيق القرار".
4-    المرة الرابعة كانت في 23/5/2014، حيث استخدم "الفيتو المزدوج" ضد مشروع قرار ينص على "إحالة سوريا إلى المحكمة الجنائية الدولية بتهمة ارتكاب جرائم حرب من قبل طرفي النزاع".

الترسانة الروسية الجديدة

نشرت روسيا 28 طائرة حربية وعدد غير محدد من الطائرات بدون طيار ودبابات تي 90 في شمال سوريا، على ما أفاد تقرير لوكالة الصحافة الفرنسية وألحقتها بعشر طائرات صهريج على ما أفاد المتحدث باسم القوات الجوية الروسية في 2 أكتوبر/تشرين الأول 2015.
"في تعريف بماهية السلاح الروسي الجديد قال الخبير العسكري في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية دوغلاس بيري إن "سوخوي 24 وسوخوي 25 طائرات قديمة نسبيا مصممة في الستينيات والسبعينيات"، مشيرا إلى أن عمليات تحديث هذه الطائرات لا تزال غير كافية للتنافس مع نظيراتها الغربية."
وأشار التقرير إلى نشر أربع طائرات متعددة الأدوار من طراز سوخوي 30 أس أم، و12 طائرة هجومية سوخوي 25 و12 مقاتلة سوخوي أم 24 في قواعد جوية في شمال سوريا.
يأتي ذلك بعد أربع سنوات ونصف من انطلاق الثورة على النظام وما رافقها من انهيار تدريجي لسلاح الجو السوري لأسباب بينها فرار الطيارين أو مقتلهم أثناء الطلعات على مواقع الثوار، إضافة إلى خروج طائرات كثيرة من الخدمة بفعل التقادم أو النقص في قطع الغيار.
وكان العقيد طيار علي محمد عبود الذي أسره الثوار في 22 مارس/آذار 2015 بعد سقوط مروحيته في مهمة لإلقاء براميل متفجرة في ريف إدلب قال في مقابلة مع الجزيرة في 7 يونيو/حزيران الماضي إن مطار حميميم، حيث نشر السلاح الروسي، يضم 30 مروحية بحرية روسية الصنع من طراز مي 8 ومي 17 وعشرة طيارين فقط.
وفي تعريف بماهية السلاح الروسي الجديد قال الخبير العسكري في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية دوغلاس بيري إن "سوخوي 24 وسوخوي 25 طائرات قديمة نسبيا مصممة في الستينيات والسبعينيات"، مشيرا إلى أن عمليات تحديث هذه الطائرات لا تزال غير كافية للتنافس مع نظيراتها الغربية.
ثلاثة وظائفوسوخوي 24 قاذفة طويلة المدى قادرة على الضرب بعيدا عن قاعدتها. أما سوخوي 25 فقد صممت للدعم الجوي وقادرة على التدخل مباشرة في ساحة المعركة. أما سوخوي 30 أس أم التي تسلمها الجيش الروسي في 2012 فإن هدفها في المقام الأول الدفاع الجوي.
"يقول الخبير الروسي بافل فلغينهاور إن "هذه الطائرات ليست دقيقة، نحن نفتقر إلى الإمكانيات مثل الأقمار الصناعية والرادارات وطائرات الاستطلاع. روسيا لديها أسلحة فعالة، لكن إذا كنت لا تعرف أين ستضرب، فسيكون ذلك دون تأثير كبير"
وردا على سؤال عن مشاركتها بنشاط في القتال في سوريا، أجاب بيري "نظرا لطبيعة المعارك، فإن استخدامها في دعم قوات بشار الأسد ميدانيا سيكون مفيدا جدا للجيش السوري".
لكن الخبير الروسي بافل فلغينهاور يقول إن "هذه الطائرات ليست دقيقة، نحن نفتقر إلى الإمكانيات مثل الأقمار الصناعية والرادارات وطائرات الاستطلاع. روسيا لديها أسلحة فعالة، لكن إذا كنت لا تعرف أين ستضرب، فسيكون ذلك دون تأثير كبير".
وقال بيري إن إرسال 28 طائرة لا يشكل "انتشارا واسعا. إنها قوة صغيرة نسبيا لكنها متنوعة".
وأضاف أيضا أن روسيا نشرت عدة طائرات هليكوبتر، "استنادا إلى صور الأقمار الصناعية، فهي من طراز كا-29، وهي للنقل والدعم الجوي يمكن أن تقل العدد والعتاد، وهذا من شأنه أن يكون مفيدا للغاية".
فجوة تكنولوجيةويتوخى بيري الحذر مع الإعلان عن استخدام طائرات استطلاع روسية بدون طيار من قبل الجيش السوري، فروسيا تعاني من فجوة تكنولوجية في هذا المجال، لدرجة أن الطائرات بدون طيار الموثوق بها تعد إسرائيلية الصنع.
وقال في هذا الصدد "من الصعب أن يكون هناك معنى لكل ذلك، أعتقد أن بالإمكان مقارنتها مع طائرات بدون طيار مدنية قصيرة المدى".
بدوره قال فيلغنهاور إن "الطائرات بدون طيار الروسية ليست فعالة حقا"، مؤكدا أن روسيا لم تنشر طائرات بدون طيار في سوريا.
ولوحظ وجود سبع دبابات تي90 أيضا في مطار باسل الأسد، جنوب اللاذقية.
وقد دخلت هذه الدبابة الخدمة عام 1992، وهي دبابة القتال الرئيسية للجيش الروسي الذي يملك أكثر من 500 من هذا الطراز. ويؤكد الخبراء أن الدبابات تتمركز في موقف دفاعي، حسب صور الأقمار الاصطناعية.
وفي مقابلة مع صحيفة روسيسكايا غازيتا، قال الرئيس التنفيذي لشركة أورالفا غونزافود الشركة العامة التي تنتج الدبابة إن هذا الطراز "نجح في بلد عربي"، معربا عن الأمل في إبرام "أول عقد تصدير قبل نهاية العام لبيع تي 90 إم إس"، النسخة الأكثر تطورا من تي 90.

تحالف بغداد

مكتب التنسيق الأمني يقع في المنطقة الخضراء ببغداد التي تخضع لحراسة مشددة(أسوشيتدبرس)
ترافق التدخل العسكري الجوي الروسي لأول مرة منذ اندلاع الأزمة السورية عام 2012 مع الكشف عن إنشاء غرفة تنسيق أمني في العراق تجمع الدول الإقليمية الثلاث المنخرطة في الحرب على تنظيم الدولة الإسلامية (إيران والعراق وسوريا) إلى جانب روسيا.
وتشير صحيفة الأخبار اللبنانية المقربة من حزب الله إلى أن الحزب جزء من هذا التحالف الأمني العسكري الذي أسمته " تحالف 4+1".
وأشار سعد الحديثي -المتحدث باسم رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي- في 27  سبمبر/أيلول -بتصريحات نقلتها وكالة الصحافة الفرنسية- إلى تشكيل لجنة مشتركة بين ممثلي الدول الأربع ستضم ممثلا عن الاستخبارات العسكرية العراقية "لمتابعة خيوط الإرهاب ومتابعة الإرهابيين" ويلخص مهمة المركز بـ"تداول المعلومة وتبادلها وتحليلها بشكل مشترك".
غير أن صحيفة "الأخبار" أفادت في تقرير نشرته في 30 سبتمبر/أيلول الماضي إلى أن التنسيق الأمني المذكور سيشمل سوريا والعراق مضيفة أن مهمته تتجاوز الجانب الاستخباري لتصل إلى تنسيق العمل الميداني.
مساعدة ميدانيةوذهبت الصحيفة -في تقرير كتبه رئيس تحريرها إبراهيم الأمين- إلى أن مهمة الغرفة المشتركة الأولى «توفير المساعدة الميدانية المباشرة خلال حصول العمليات والمواجهات" مضيفا أن ستة خبراء روس وصلوا إلى بغداد لهذا الغرض ومثلهم من إيران، على أن يتبعهم ستة من زملائهم السوريين.
وزير الدفاع الروسي سيرغي شويجو قال إن المركز مخصص للتنسيق بين الطائرات والقوات البرية (غيتي إيميجز)
وقال الأمين في تقريره أن مقرّ غرفة التنسيق سيكون في وزارة الدفاع العراقية، على أن يقيم أعضاؤها (ستة من كل دولة) في المنطقة الخضراء. أما طبيعة الأعضاء، فاتُّفق على أن يكونوا ضباطاً من الحرس الثوري الإيراني، وآخرين من الجيش العراقي النظامي ومن قوات «الحشد الشعبي»، فضلاً عن الضباط المنتمين إلى الجيشين السوري والروسي. كذلك اتُّفق على أن يترأس المركز الملحق العسكري في السفارة الإيرانية في بغداد، العقيد مصطفى مراديان.
وقد صرح وزير الدفاع الروسي سيرغي شويجو من جهته في 1 أكتوبر/تشرين الأول 2015 بأن بلاده أرسلت خبراءها إلى مركز التنسيق ببغداد، مشيرا إلى أن المركز أنشئ "للتنسيق بين الطائرات وعمل القوات البرية في سوريا".
أما كامل مهام الغرفة فلخصها تقرير الصحيفة اللبنانية بـ"تقديم تقارير استخبارية يومية، وتوفير المساعدة الميدانية المباشرة، خلال حصول العمليات والمواجهات. فضلاً عن تحديد حاجات القوى الفاعلة على الأرض من جيش ومجموعات من أجل توفيرها، خصوصاً تلك المتعلقة بأسلحة هجومية وصواريخ ومدفعية ومضاد للدروع".
نصر اللهيشار إلى أن حزب الله لم ينف علمه بهذه الترتيبات وإن لم يشر صراحة إلى اشتراكه فيها. في مقابلة بثها تلفزيون المنار المملوك من قبل الحزب قال أمينه العام حسن نصر الله "إن قرار المشاركة الروسية العسكرية في سوريا ليس وليد الساعة بل تمّ التحضير له مع الدول المعنية" في أشارة إلى سوريا والعراق وإيران.

 وخلال المقابلة قال نصر الله إن "دخول العامل الروسي هو عامل إيجابي، وسيكون مؤثراً في مسار المعركة القادمة" في سوريا.

تفاهمات مع إسرائيل

بوتين ونتنياهو خلال لقائهما بموسكو في نهاية سبتمبر(الأوروبية)
بعد شيوع أنباء نشر أسلحة روسية جديدة في سوريا، زار رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو موسكو في 21 سبتمبر/أيلول، بمرافقه رئيس هيئة أركان الجيش الإسرائيلي غادي إيزنكوت، ورئيس هيئة الاستخبارات العسكرية هرتسي هاليفي ورئيس هيئة الأمن القومي يوسي كوهين، الذي تتوقع مصادر صحفية إسرائيلية تعيينه رئيسا للموساد، إضافة إلى السكرتير العسكري للحكومة يوسي طوليدانو.
إلى جانب مباحثات نتنياهو وبوتين التي استمرت لساعتين، عقد رئيس هيئة أركان الجيش الإسرائيلي اجتماعا مع نظيره الروسي فاليري غراسيموف بحث معه فيها تبعات الوجود العسكري الروسي على إسرائيل. واتفق رئيسا الأركان على تشكيل لجنة عسكرية مشتركة برئاسة نائبيهما للتنسيق بين الجيشين، ولا سيما في المجالات الجوية والبحرية والإلكترونية، لمنع أي خطأ في التقديرات أو أي سوء فهم يؤدي إلى احتكاك غير مقصود بين الطرفين، خصوصا فيما يتعلق بنشاط سلاح الجو الإسرائيلي في سوريا. وعقدت اللجنة اجتماعا مشتركا في 5 أكتوبر/تشرين الأول الجاري في إسرائيل بمشاركة نائب رئيس الأركان الروسي نيكولاي بوغدانوفسكي، لبحث ما أسماه المتحدث باسم جيشها" التنسيق الإقليمي".
ومعلوم أنه منذ بداية 2013 شنت إسرائيل أكثر من عشر هجمات جوية على أهداف عسكرية شملت دمشق واللاذقية، دون أن تتلقى ردا.
حرية التحركوتشير تقديرات المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات إلى أن نتنياهو سعى من خلال الزيارة إلى الحفاظ على حرية التحرك العسكري الإسرائيلي في سوريا في ضوء انتشار القوات العسكرية الروسية في الساحل السوري ومناطق أخرى، والتنسيق بين الطرفين لمنع وقوع صدام غير مقصود بين الجيشين الروسي والإسرائيلي، وطلب مساعدة روسيا لمنع نقل أسلحة متطورة من سوريا إلى حزب الله، ومنع تواجد إيران وحزب الله في المنطقة الجنوبية المحاذية لإسرائيل، وضمان ألا يهدد وجود قوات إيرانية وحزب الله من سوريا أمن إسرائيل. 
جندي إسرائيلي قرب القنيطرة بالجولان يراقب دخان منبعث جراء سقوط صواريخ في أبريل الماضي( الأوروبية)
ويرى الكاتب يوسي ميلمان في مقال نشر في صحيفة معاريف في 25 سبتمبر/أيلول 2015 أن إسرائيل غير معنية بالتدخل في الحرب  داخل سوريا. بل بالعكس فإن "استمرار الحرب الدموية يعزز التفوق العسكري الإسرائيلي في المنطقة ويُضعف حزب الله وإيران"، وأضاف أن إسرائيل تدخلت في الحرب بين فترة وأخرى "كلما اعتقدت أن مصالحها الأمنية تستدعي ذلك".
تنسيق اضطراريويقول الكاتب إن عمليات إسرائيل حتى الآن كانت تتم كلما توفرت لديها "معلومات استخبارية وتوفرت الجاهزية العملياتية، من دون الاضطرار لتنسيق ذلك مع أي جهة كانت"، وأضاف أنه "من الآن سوف تضطر إسرائيل للتنسيق سلفا بشأن عملياتها مع روسيا".

ويؤكد الكاتب حاجة الطرفين إلى إنشاء آليات تنسيق مسبق، تقلص مخاطر الاحتكاك بين طائرات إسرائيلية وأخرى من سلاح الجو الروسي. وأضاف أن آلية كهذه يمكن تفعيلها عبر "استخدام خطوط هواتف مباشرة ساخنة أو حمراء تربط بين قيادتي الطرفين أو الاتفاق على أن طائرات سلاح الجو لهذا الطرف ترسل إشارات تعريف لطائرات سلاح جو الطرف الثاني وبالعكس".
ويستدرك الكاتب قائلا إن مشكلة إسرائيل لا تكمن في شكل التنسيق، بل بما هو أشدّ جوهرية، وهو إمكانية "التوصل إلى تفاهمات مع روسيا حول تقسيم الأجواء السورية إلى مناطق نفوذ ونشاط".

ويقول ميليمان في هذا الصدد إن إسرائيل تسعى للحيلولة دون عرقلة روسيا أو تدخلها في المناطق القريبة من الحدود الإسرائيلية، أو في العمليات التي ترى هي من الصواب القيام بها. في المقابل تتعهّد إسرائيل -والحديث لمليمان- بعدم الاقتراب من شمال الدولة، حيث تقيم روسيا قاعدة كبيرة في سوريا.

حرب الشيشان 3


في معرض تفسيره لدوافع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين للتدخل العسكري المباشر في سوريا قال الزعيم الدرزي اللبناني وليد جنبلاط في صحيفة " فايننشال تايمز" يوم 29 سبتمبر/أيلول 2015 إن "هدف التدخل الروسي هو التنسيق العسكري مع النظام السوري والبحث عن القادة الشيشانيين في داعش وقتلهم". وأضاف أن بوتين مشغول باحتواء السنة في بلده وعددهم بعشرات الملايين، إضافة إلى احتواء بدايات تشكل تنظيم الدولة في شمال القوقاز.
والحقيقة أن بوتين نفسه لم يخف هذه التقديرات، بل جاهر بها في مقابلة أجرتها معه قناة "سي بي إس" التلفزيونية الأميركية قبل أيّام. ففي المقابلة المذكورة تطرق لـ"داعش" و"جبهة النصرة"، وتحدث عن وجود "أكثر من 2000 مقاتل من دول الاتحاد السوفياتي (السابق) على الأراضي السورية".
وأعرب بوتين في المقابلة عن مخاوفه "من أنهم سيعودون إلينا، لذا فالأفضل لنا أن نقدم المساعدة للأسد للقتال ضدهم هناك على الأراضي السورية. وهذا هو الحافز الأساسي الذي يدفعنا إلى تقديم العون للأسد".
ومعلوم أن بوتين ارتقى سلالم السلطة في روسيا مطلع الألفية الثانية على أنقاض الشيشان ذاتها. فبعد الحرب الأولى (1994-1996) والتي هزم فيها الجيش الروسي أمام ثوار الشيشان ووقع جنرالاته اتفاق سلام معهم برعاية الكرملين، تصدى بوتين عن تسلمه منصب رئيس الوزراء لخوض حرب ثانية (2000-2009) في الشيشان ضد المجاهدين انتهت بهزيمتهم، وتدمير مدن هذه الجمهورية القوقازية وإعادتها إلى كنف الاتحاد الروسي.
ويوجد مئات من المقاتلين الشيشان والقوقازيين في مختلف صفوف التنظيمات الجهادية العاملة في سوريا والعراق. وتشير مصادر صحفية لبنانية إلى أن الجهاديين القوقازيين ينقسمون في سوريا إلى ثلاثة أقسام، ينضوي أوّلهم تحت راية تنظيم الدولة الإسلاميّة. وينتظمُ ثانيهم في مجموعات دانت بـ"بيعات" لـ"جبهة النصرة - تنظيم القاعدة في بلاد الشّام"، فيما يتوزّع ثالثهم على مجموعات تدين بالولاء لـ"إمارة القوقاز الإسلاميّة" وهي مجموعات مستقلّة تنظيميّاً، وتُنسّق عسكريّاً مع باقي المجموعات.

حرب مقدسة

البطريرك كيريل راعي الكنيسة الأرثوذوكسية الروسية يترأس احتفالا بذكرى  إعلان موسكو عاصمة لروسيا وفي الخلفية أحد أبراج الكرملين(أسوشيتدبرس)
كالقطرة التي أفاضت الكأس جاء دعم الكنيسة الأرثوذكسية في روسيا لقرار موسكو شن غارات جوية في سوريا ضد تنظيم الدولة الإسلامية، ووصفت ذلك بأنه "معركة مقدسة".
دعم الكنيسة هذا جاء في تصريح لرئيس قسم الشؤون العامة في الكنيسة، فسيفولود تشابلن، الذي قال إن "القتال ضد الإرهاب هو معركة مقدسة اليوم، وربما تكون بلادنا هي القوة الأنشط في العالم التي تقاتله".
وأثار التصريح عاصفة من ردود الفعل الأمر الذي دفع ببطريركية أنطاكية وسائر المشرق للروم الأرثوذكس لإصدار بيان توضيحي أشارت فيه إلى أن "وسائل الإعلام المحلية تناقلت ترجمةً غير دقيقة تدل على سوء فهم أو استخدام لتصريح تشابلن" .
ويقول رئيس دير "سيدة البلمند البطريركي"، الأرشمندريت يعقوب خليل لصحيفة لبنانية إن "ما أدلى به تشابلن جاء في إطار مقابلة إذاعية، ولم يصدر بيان رسمي عن الكنيسة الروسية. وما قاله هو أن مقاومة الإرهاب أخلاقية، وإذا أردتم مقدسة. لم يقل إطلاقا إن الكنيسة الروسية أعلنت حربا أو معركة مقدسة، لم يتطرق إلى جهاد مقدس أو حرب دينية أو حرب مسيحية أو أرثوذكسية".

مباركة دينية
ويؤشر دعم الكنيسة للتدخل الروسي في سوريا إلى الحرص على إضفاء صبغة دينية ومباركة من الكنيسة لخطوة الرئيس فلاديمير بوتين، إلى جانب كونه رسالة للمسيحيين أن لديهم ظهيرا دوليا يستطيعون الاعتماد عليه بعد فشل الأميركيين في مساعدة مسيحيي العراق وسوريا للتشبث بأرضهم.
 قداس يحيى ذكرى مسيحيين عراقيين في هجوم استهدف كنيستهم في عيد الميلاد عام 2010 (وكالة الأنباء الأوروبية)
ورغم أن القيادة الروسية لم تنبس ببنت شفة عن مسيحيي سوريا فإن أهدافها المعلنة من الحملة هي "القضاء على الإرهاب ومكافحة جماعاته ولا سيما تنظيم الدولة"، ولكن هناك من فهم كلام الكنيسة على أنه "حرب صليبية، ونحتاج إلى صلاح الدين جديد لتحقيق النصر"، كما غرد الخبير العسكري والاستراتيجي فايز الدويري.
ويبلغ عدد مسيحيي سوريا 1.5 مليون وفقا لأحدث المصادر الحكومية، ولكن العدد تناقص بشكل حاد مع استمرار الحرب السورية وازدياد الهجرة وسيطرة تنظيم الدولة على عدة مناطق يتواجد فيها المسيحيون، حيث فرض بمحافظة الرقة على المسيحيين دفع الجزية ذهبا وعدم إظهار ما يشير إلى دينهم مقابل "عهد أمان".
وبث التنظيم إصدارا يتطرق إلى قيام "مسيحيي مدينة القريتين بريف حمص بإعطاء التنظيم "الجزية"، والتزامهم بعقد الذمة. ووجه أحد شرعيي تنظيم الدولة "رسالة إلى نصارى المشرق والمغرب، وإلى حامية الصليب أميركا، أسلموا تسلموا، وإن أبيتم فعليكم بدفع الجزية".
كما تعرض عدد من رجال الدين المسيحيين والرهبان للقتل والاختطاف بينهم مطرانا حلب يوحنا إبراهيم وبولس يازجي، اللذان مر أكثر من عامين على اختطافهما من جهة مجهولة دون ورود أي أخبار عنهما.
"يشير مدير مركز الدراسات المسيحية الإسلامية في "جامعة البلمند" بلبنان الأب جورج مسّوح حازم إلى أنه "لا حرب مقدسة في المسيحية. كل حرب نرفضها، أكانت باسم إله اليهود، أم إله المسيحيين، أم إله المسلمين. لذلك، فإن موقف الكنيسة الروسية لا يعنينا، مسيحيو الشرق، يؤمنون بأن لا حرب مقدسة، ولا جهاد مقدس، ولا حقا إلهيا في الحرب"."
ويعتبر أحد المراقبين أن الكنيسة الشرقيّة في سوريا أقرب للنظام، وتساءل عن أسباب صمت وعجز الكنيسة المارونيّة بلبنان عن "مواجهة المخطط الروسي الحثيث، السّاعي الى إعادة أمجاد الإمبراطوريّة والانتقام التاريخي المتمثّل بالهيمنة على الكنيسة الشرقيّة واستعادتها".
ويقع في دمشق -التي زارها رأس الكنيسة الأرثوذكسية الروسية البطريرك الراحل أليكسي الثاني وخلفه البطريرك كيريل عدة مرات- كرسي بطريرك أنطاكية وسائر المشرق.
ويشير مدير مركز الدراسات المسيحية الإسلامية في "جامعة البلمند" بلبنان الأب جورج مسّوح حازم إلى أنه "لا حرب مقدسة في المسيحية. كل حرب نرفضها، أكانت باسم إله اليهود، أم إله المسيحيين، أم إله المسلمين. لذلك، فإن موقف الكنيسة الروسية لا يعنينا، مسيحيو الشرق، يؤمنون بأن لا حرب مقدسة، ولا جهاد مقدس، ولا حقا إلهيا في الحرب".
ويتابع -في حديث صحفي- أن "العودة إلى القرون الوسطى أمر مرفوض لا نريد أيضا الإمبراطورية البيزنطية والبابوية اللتين شنتا حروبا باسم الله. ولا نقبل أيضا بداعش أو بأي كان يقاتل باسم الله".
تبرؤوتوجه إلى المسلمين بالقول "كما تتبرؤون من تنظيم الدولة وسواها ممن ينسب جهاده إلى الله، نحن أيضا لا علاقة لنا بالكنيسة الروسية وما أعلنته. للروس مصالح في هذه البلاد، المسيحيون الشرقيون لا يريدون إطلاقا دفع ثمن صراعات ونفوذ".
ولا يختلف وضع المسيحيين في العراق عن سوريا حيث تشير تقديرات إلى أن عدد المسيحيين اليوم في العراق لا يتجاوز مئتي ألف بعد سيطرة تنظيم الدولة على مدينة الموصل بصيف العام 2014.

وعن هذا الواقع يقول سرود المَقدسي عضو برلمان كردستان العراق والقيادي في كيان أبناء النهرين، إن أوضاع المسيحيين في العراق تتجه من سيئ إلى أسوأ، ولفت إلى أن "الهجمة البربرية" التي استهدفت سهل نينوى والموصل أدت إلى نزوح أكثر من 150 ألف مسيحي إلى كردستان العراق وحده. وتحدث المقدسي بنبرة متشائمة قائلا إن المهجر المسيحي أصبح يرى نهاية النفق مظلمة وهو فاقد للأمل في هذه المرحلة.

مواقع التواصل ترد

دخان يتصاعد من موقع قصفته الطائرات الروسية في إدلب(أسوشيتدبرس)
بشكل قاس وحاسم رد رجال دين وساسة وإعلاميون ونخب ونشطاء مواقع التواصل الاجتماعي على وصف الكنيسة الأرثوذكسية التدخل الروسي فيسوريا بالحرب المقدسة، ووصل هذا الرد إلى حد رصد المسؤول الشرعي في جبهة النصرة "أبو حسن الكويتي" (علي العرجاني) جائزة قيمتها مليون ليرة سورية لمن يأسر جنديا روسيا، وذهب شرعي آخر من جبهة النصرة إلى رصد مليون ليرة آخر للفصيل الذي يأسر جنديا روسيا.
وعن "الحرب المقدسة" يغرد رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، الشيخ يوسف القرضاوي أنه "إذا دافعنا عن أوطاننا وبيوتنا وأعراضنا باسم الإسلام الذي نؤمن به نُتهم بالإرهاب بينما روسيا تقصف سوريا والمعارضة باسم الحرب المقدسة" ويسأل في تغريدة أخرى "من الذي بارك لروسيا قصف سوريا؟ هل باركها الله أم المسيح أم نصوص الإنجيل؟ هذه حرب ملعونة مذمومة باسم الأديان والقوانين والأخلاق والمواثيق".
فيصل القاسمويرى الإعلامي فيصل القاسم في تغريدة أنه "عندما تصف الكنيسة الروسية التدخل الروسي في سوريا بأنه حرب مقدسة، فهي عملياً تدعو المسلمين إلى الجهاد".
واعتبر الكاتب ياسر سعد الدين في تغريدة أنه "ليست كنيسة تلك التي تعتبر قتال أطفال سوريا حربا مقدسة، بل هي ماخور أخلاقي وسياسي" وفي تغريدة ثانية "الكنيسة الأرثوذكسية تؤيد جرائم بوتين ومجازره في سوريا وتعتبرها حربا مقدسة، الذبح باسم الدين فكر داعشي بنكهة روسية تعبق بحقد تاريخي دفين".
 القرضاوي: إذا دافعنا عن بيوتنا باسم الإسلام نتهم بالإرهاب (غيتي إيميجز)
وفي السياق يغرد الحقوقي الجزائري أنور مالك "خدمة كبرى قدمتها روسيا لداعش عندما وصف بطريرك كنيستها أن غزو بوتين لسوريا (حرب مقدسة)، سيتهاطل "متحمسون" على معاقل البغدادي من كل حدب".
ويشير الداعية السعودي محمد العريفي إلى أن "التدخل الروسي في سوريا وتصريحهم بأنها حربٌ مُقدسة، ومباركة قساوستهم للاعتداء وصور قتلانا أطفالاً ونساءً واجتماع النصارى والنصيرية والفرس يُثبت أنهم يخشون من قوة الإسلام، ووحدة المسلمين واجتماعهم فيريدون كبته وحربه".
ويغرد حساب "ميسر بن علي القحطاني" أن "أعداء الإسلام يقولون حرب مقدسة وما زال هناك من يقول الجهاد في الشام فتنة!!!... الجهاد يا أمة الإسلام الجهاد الجهاد".
في السياق يلفت الأكاديمي السعودي محمد عبد الله الوهيبي في تغريدة "الصهاينة والأميركان والروس، يحتلون ديارنا، يقتلوننا، يقصفون البيوت والمساجد، كل ذلك عندهم "حرب مقدسة".
نقاوم طغيانهم واحتلالهم نوصم بالإرهاب".
ويغرد حساب (@KeNt_977) "الكنيسة الروسية: الحرب في سوريا حرب مقدسة، وقبلها المرجعيات الإيرانية، بينما لم يترك العرب فصيلا سنيا في سوريا إلا وخذلوه٠ راجعوا حساباتكم".
ويغرد صلح العونان أن "تنزل الجيوش الصليبية في دابق وتسمى الشام آخر الساعة بأرض الملاحم ستجتمع ملل الكفر كلها".
بسام جعارة
 ياسر الزعاترة: بوتين هو بوش (الجزيرة)
ويغرد الكاتب السوري بسام جعارة أن "دعوة الكنيسة الأرثوذكسية إلى حرب مقدسة في سوريا تستدعي الدعوة إلى إعلان الجهاد".
ويعتبر الكاتب الأردني ياسر الزعاترة وصف الحرب بالمقدسة أن "بوتين هو بوش الجديد برايات صليبية وليست شيوعية".
ويغرد الخبير العسكري والإستراتيجي اللواء فايز الدويري أن "الكنيسة الأرثوذكسية تدعم العمليات العسكرية الروسية في سوريا، إذن نحن أمام حرب صليبية، ونحتاج إلى صلاح الدين جديد لتحقيق النصر".

ويرى الأكاديمي السعودي كساب العتيبي "هبّت رياح الروس إنقاذاً لمجرم حقير ونظامه المُشوّه عقدياً. وباركت الكنيسة الأرثوذكسية جيشها معتبرةً أنه يخوض حرباً مُقدّسة".

مأزق مركب

 
لقراءة المقال إضغط الصورة

aljazeera.net