الزخرفة الإبداعية .. وأجمل «100» مثل شركسي


الباحثة والمصممة جان أرسلان رمضان

وليد سليمان

الأمثال والحكم القديمة !! تُعتبر من تراث الأمم والإنسانية - أنها جناح اللغة – أية لغة في العالم .. وكما أن هناك الكثير من الأمثال الشعبية المتشابهة بين الأمم والشعوب!.

قامت الكاتبة والباحثة في التراث الشركسي « جان أرسلان رمضان « بالتعاون مع إبراهيم فروقه ومحمد نمروقة باختبار أجمل « 100 « مثل من التراث الشركسي، عبر كتاب جميل ومزين بالصور والرسوم الجميلة، حيث جاء كل مثل بعدة لغات منها العربية والشركسية والانجليزية في كل صفحة من الكتاب الصادر في عمان عام 2013.

أمثال مشتركة عالمية
في تلك الأمثال من التراث الشركسي نلاحظ أنها موجودة بشكل أو بآخر بنفس المعنى في كثير من ثقافات شعوب العالم .. ومنها مثلاً نذكر :
-    المجنون عاقل إلى أن يتكلم.
-    ليس كل من ركب الخيل بفارس.
-    الجار الجيد أفضل من القريب البعيد.
-    لكل بداية نهاية.
-    كل شيء جيد في موسمه.
-    الحكمة قبل القوة.
-    بالكلام الجميل يمكنك انجاز الكثير.
-    السر عند شخص واحد سر، والسر بين اثنين لم يعد سراً.
-    إذا لم تحترم نفسك فلن يحترمك أحد.
-    أجمل لباس هو الحياء.
-    رزق الضيف يأتي معه.
-    الاحترام الذي تقدمه لوالديك سيقدمه لك أبناؤك.

أمثال خاصة
وعند تقليب صفحات كتاب «أجمل 100 مثل شركسي» توقفنا عند بعض الأمثال الشركسية التي تبدو خاصة .. ومثال ذلك:
-    من لا يراد أن يرافق ينادى عليه إثناء المرور.
-    من لا يملك حصانا يشتري سرجا.
-    من لا يجيد الرقص يصنع اللوم على العازف.
-    حين يكبر الذئب يصبح ألعوبه للكلاب.
-    حين يبدأ الثلج الخفيف بالتساقط لا تخرج من مكانك.
-    حتى الديك يطعم صغاره الصيصان.
-    يوجد ذهب تحت الطفل.
-    السلاح الجيد رفيق جيد.
-    الأمل يكسر الجبل.
-    إذا غضبتي من كنتك لومي ابنتك.
-    الماء الذي يجري يفتح طريقاً.
-    حتى القمر لديه عيوب.
-    انظر إلى الأُم وتزوج ابنتها.
-    امدح القديم وخذ الجديد.
-    إذا لم تجد من تستشيره ضع قبعتك وأستشرها.
-    العروس السيئة تزيل الاتفاق في البيت.

الزخرفة والتطريز
وجان أرسلان هي من المبدعات في عمل وتطوير فن الزخرفة التي يتم استخدامه في ملابس المرأة الشركسية مثل الأثواب والقبعات والأحزمة والأحذية والأواني وغطاء رأس المرأة، والمخدات والإعلام والسيوف والحقائب والإشغال اليدوية الأخرى الفنية التراثية , وعن ذلك تقول :

« يحتوي التراث الشركسي على الكثير من الرسومات والزخارف بأشكال وأنواع مختلفة , فمنها ما نُقش على الأسلحة وقطع الأثاث المنزلي والزى الشركسي وعلى الحلي والمجوهرات , وأدوات مختلفة استعملها الشراكسة منذ القديم.

وتوضح جان : ومن خلال إطلاعي على بعض ما تمكنت من جمعه من صور من هذا التراث العريق أحببت أن أقوم برسم وتصميم زخارف مستوحاة من التراث الشركسي وبطريقة جديدة وبسيطة, وضعتها في هذا الكتيب ليتمكن المهتمون والباحثون عن هذه الزخارف من التعرف عليها والاستفادة منها.

ويمكن استخدام هذه الرسومات والتصاميم في عدة مجالات منها أعمال الديكور في المنازل والمحلات، وبطاقات الأفراح، ووضعها على الملابس المختلفة والأدوات المنزلية وقطع الزينة والأعمال اليدوية والتطريز والحلي والمجوهرات ... وغيرها.

محمد خير مامسر

ويشير د. محمد خير مامسر الى شهرة قدماء الشراكسة منذ آلاف السنين بفن الزخرفة والتطريز وغيرها من الفنون والأشغال اليدوية, ويقول : نستدل على ذلك من القطع الأثرية التي وجدت في أكثر من موقع في الوطن الأُم في شمال القفقاس عامة وفي مناطق مايكوب، ونالتشك والكوبان وبيتغورسك خاصة , وهي آثار يعود تاريخها إلى الألف الثالث ما قبل الميلاد.

وحافظ الشراكسة جيلاً بعد جيل في كل من الوطن الأُم وفي بلاد المهجر على هذه الفنون , وأصبحت من أكثر الفنون والحرف التي يتميز بها الشراكسة في العصر الحديث.

والنماذج الفنية التي قدمتها لنا السيدة جان ارسلان في هذا الكتيب ما هي إلا نماذج من الفن الرفيع للزخرفة والتطريز الشركسي، ولا أبالغ إن قلت بان السيدة جان قد تفوقت على نفسها بنقلها مجموعه كبيرة من أشكال الزخرفة وفن التطريز باستخدام مهاراتها في فن الرسم، كما تميزت هذه الأعمال الفنية بثلاثة مزايا وهي :

الميزة الأولى وهو استخدام (المكبر) في تكبير إشغال الزخرفة الصغيرة جدا والمستخدمة في تزيين الملابس وقطع السلاح والأواني الشركسية المصنوعة يدويا , حتى تمكنت المؤلفة من تقديم نماذج من الزخارف وأشكال التطريز لم نكن نعرف تفاصيلها سابقا.

الميزة الثانية: هو استخدام فن الرسم في نقل أشكال الزخرفة وأنواع التطريز بدل من تصويرها أو طباعتها كما هو الحال في معظم كتب الفن الشركسي.

أما الميزة الثالثة : فتتمثل في إعطائنا فكرة عن مواقع وأماكن استخدام كل شكل من أشكال الزخرفة وأنواع التطريز من أسحلة وملابس وأوانٍ .. الخ) .

منذ العام 1864

بدأ الشراكسة بالوصول للأردن من عام 1864، بعد حروب إبادة شنتها عليهم القيصرية الروسية دامت نحو مائه عام، إذ قامت جيوشها بحرق مئات القرى الشركسية وقتلت مئات الآلاف من سكانها في حرب لم يعرف التاريخ لها مثيلا، كانت نتيجتها قتل أكثر من 70% من الشراكسة، ثم دفعت من بقي منهم إلى سواحل البحر الأسود لتهجيرهم عن ديارهم، وأبقتهم على الشواطئ شهورا فمات منهم الآلاف جوعا وعطشا، ونتيجة انتشار الأوبئة بينهم، ليكون مجموع ما فقدته آلامه الشركسية نتيجة الحروب والتهجير 90% من أبنائها.

وصل الشراكسة إلى عمان، وليس لهم أمل إلا أنهم أتوا إلى ديار الإسلام، وأنهم سينزلون عند إخوة سيكونون عوناً لهم، وكان لهم ما تمنوا، فوجدوا في القبائل العربية المجاورة سنداً وعوناً. 

وكانت المنطقة قد هجرت لأكثر من خمسمائة عام، فقام الشراكسة باستصلاح الأراضي بأدواتهم الخشبية لعدم توفر الحديد، وحفروا قنوات الري، وبنوا بيوتا من الطين تحت أعين الجيرة من أبناء البادية الذين لفت انتباههم: لباسهم وعملهم الدائم وعرباتهم وفروسيتهم وتواضعهم، وإجادتهم للحرف: الحدادة والنجارة والسروجية والزراعة، فبدأت بين الطرفين تجارة مقايضة وعلاقة تباديله متنامية في المصالح لتشهد طفرة كبيرة عندما بني الشراكسة طواحين الحبوب التي تعمل على الطاقة المائية في عمان ووادي السير وناعور وجرش، وكثر أعداد الجيرة التي تزور البلدات الشركسية، لطحن القمح ولشراء مستلزمات الحياة اليومية فنمت العلاقات بين الطرفين، وبشكل خاص حين استطاعت هذه المطاحن أن تقدم الدقيق اللازم لصناعة رغيف الخير وبكميات كبيرة.

وتوثقت العلاقات فيما بينهم بإرسال قوافل لفلسطين لإحضار المواد اللازمة للحياة (الكيروسين والأقمشة وأعواد الثقاب وورق السجائر .. الخ) التي شرعت بالتطور في المجتمعات الصغيرة التي تحولت لبلدات، فقدمت أعداد من الفلسطينيين والشوام لهذه القرى التي تحولت إلى حواضر، فقد وصل عدد سكان عمان سنه 1904 قرابة ثلاثة آلاف نسمة، فأنشأت بلدية عمان، وكان أول أربعة من رؤسائها في العهد التركي من الشراكسة. وبدا الشراكسة بإنشاء الكتاتيب لتعليم أبنائهم اللغة العربية وقراءة القران الكريم، فاستقدم أهل عمان من الشراكسة معلما من بيروت، وبني أهل وادي السير أول مدرسة في البلدة.

كان الشراكسة ضمن اللجنة التحضيرية التي ناقشت الأوضاع السياسية بعد الاحتلال الفرنسي لسوريا، والتي ارتأت ضرورة إنشاء دوله عربيه وحدودية التوجه في الأردن، فخاطبت الشريف الحسين بن علي لإرسال احد أبنائه لتأسيس الدولة الأردنية وكان الشراكسة ضمن الوفد الذي استقبل سمو الأمير عبد الله، مع رجالات الطليعة من الأردنيين الذين وقفوا مع سموه ووضعوا كل إمكانيتهم لخدمة الدولة الجديدة والتي اتخذت من عمان عاصمة لها، فتحولت إلى حاضرة العرب، واستقطبت أحرارها من كل المناطق التي تعرضت لجور القوى الاستعمارية التي جثمت على صدر المنطقة.

بناء الدولة الحديثة 

انخرط الشراكسة في العمل الجاد لبناء الدولة الحديثة: جنودا في الجيش العربي، وموظفين في مختلف الدوائر والمؤسسات، وعمالا في الزراعة والبناء، واندفع أبناؤهم للتعليم، فتخرجوا من الجامعات في مختلف التخصصات، وصاروا جزءا أساسيا من هذا البلد الغالي على نفوس الأردنيين جميعاً .