تعرفوا على الكاتبة الشركسية حوا بطواش من كفركما

"الكتابة هي هوايتي التي أحبها وأعتزّ بها حيث أعبّر من خلالها عما يعتمل في صدري من أفكار ومشاعر"، هذا ما قالته القاصة والروائية حوا بطواش من قرية كفر كما في الجليل الأسفل .

وللتعرف أكثر على القاصة والروائية حوا بطواش نضع بين ايديكم هذا اللقاء :

بداية هل لك انت تعرفي القراء على نفسك ؟  

"بدأت أنشر باسم حوا سكاس وغيرته منذ أشهر قليلة لأعود الى اسم عائلتي الأصلي الذي أعتز به ، ولدت وأسكن في قرية كفر كما في الجليل الأسفل ، تلقيت دراستي الابتدائية في مدرسة كفر كما ثم انتقلت الى المدرسة الأكليريكية "المطران" في الناصرة لإكمال دراستي الثانوية، وكان ذلك باختياري الشخصي ، حيث أحببت تعلم اللغة العربية ، فيما كان معظم الطلاب والطالبات من قريتي يكملون دراستهم الثانوية آنذاك في المدارس اليهودية في العفولة أو كدوري.

اهتمامي باللغة العربية بدأ من خلال مشاهدتي لمسلسلات الكرتون في محطات التلفزيون العربية في طفولتي ثم الأفلام والمسلسلات العربية واستماعي للأغاني العربية وانكشافي لكتب جدي ، رحمة الله عليه.

أكملت دراستي في جامعة حيفا في موضوع علم الاجتماع والتربية ، وأعمل الآن موظفة وأما لثلاثة أولاد.

بدأت أنشر قصصي القصيرة في صحيفة "كل العرب" ثم في المواقع الإلكترونية. صدر كتابي الأول "الرجل الخطأ" عن دار الغاوون في بيروت عام 2013 وهو يضم مجموعة من القصص القصيرة التي كتبتها في السنوات الأخيرة مثل:

"بنت من هذا العالم"، "تساؤلات بريئة"، "لن أعود"، "مذكرات عاملة في سوبر ماركت"، "الحب العتيق"، "المقهى وغيرها... وقصتين طويلتين هما "الرجل الخطأ" و"أحلام كبيرة"".

هل لك ان تعطينا صورة عن نشأتك الثقافية والأدبية وصولاً الى موقعك الحالي في حركة الابداع المحلي ؟

"نشأت في بيئة تأتي فيها اللغة العربية بدرجة ثالثة أو حتى رابعة. ففي قريتي كفر كما لغتنا الأم هي اللغة الشركسية التي نتحدث بها بين بعضنا البعض ، ثم اللغة العبرية ، لغة التدريس في المدرسة ، ثم تأتي اللغة العربية ، لغة ديننا وجيراننا العرب ، وبعدها اللغة الإنكليزية ، اللغة العالمية. ولكنني وجدت في نفسي ميلا واهتماما خاصا منذ الصغر باللغة العربية والثقافة العربية بشكل عام. 

منذ الصغر كنت أنشغل كثيرا في الكتابة. ليس في كتابة القصص فحسب ولكن كنت أحب الجلوس الى طاولتي وممارسة الكتابة عن أمور كثيرة تشغل فكري. وبالمقابل نشأ في نفسي حب المطالعة وقراءة الكتب التي كنت أجدها في مكتبة جدي الذي كان إنسانا مثقفا ، عاشقا للقراءة ، وإذ رآني مهتمة بكتبه فرح جدا وأخذ يشجعني على القراءة فكان يختار لي من كتبه ما يناسب سني. القراءة كانت تحثني على الكتابة. 

كلما قرأت أكثر كنت أجد شيئا ما بداخلي يلح عليّ ويدفعني للكتابة. كان لدي ما أقوله بطريقتي الخاصة. كما كنت أحب كتابة يومياتي التي كنت أعبّر فيها عن أفكاري ومشاعري وأكتب عن المواقف التي تحدث معي أو المواضيع التي تشغلني. 

محاولاتي الأولى لكتابة القصة كانت في الرواية. ففي فترة المراهقة بدأت أكثر من قراءة الروايات المترجمة الى العبرية ، والتي كنت أجدها في مكتبة قريتي ، وذلك كان يدفعني لمحاولة كتابة الرواية ولكنني لم أكمل أي من رواياتي التي بدأت بكتابتها. وكنت آنذاك أكتب بالعبرية. ثم اتجهت الى الكتابة باللغة العربية ، التي ظلت تلازمني رغم كل شيء بفضل محبتي لها وبفضل وجود كتب جدي بقربي ، ولا أخفي فضل روايات إحسان عبد القدوس على ذلك أيضا فقد اكتشفت أنها محببة على قلبي لبساطة وسلاسة لغتها وللمتعة التي وجدتها في قراءتها. بعد ذلك اتجهت لكتابة القصص القصيرة لسهولة نشرها ، فقد بدأت النشر في صحيفة "كل العرب" ثم في مواقع الانترنت وبدأت أتلقى ملاحظات وتعقيبات على كتاباتي والتي أفادتني جدا وشجعتني على الاستمرار في كتابة القصص القصيرة".

ما هو منهجك الخاص في الكتابة؟

"الكتابة هي هوايتي التي أحبها وأعتزّ بها حيث أعبّر من خلالها عما يعتمل في صدري من أفكار ومشاعر . أحيانا أصادف موقفا معينا أو أسمع خبرا أو أشاهد مشهدا يحرك مشاعري ويحفزني على الكتابة. كتاباتي تمثل الحياة بكل ما فيها من حب وفرح وألم وحلم وحزن وظلم... ألقي الضوء عليها ولا أحاول إيجاد الحلول أو فرض آرائي بل أدع النهاية مفتوحة ليكملها القارئ كما يشاء ويتخيل، وأستفزه ليبحث عن حل لائق بنفسه.

منذ البداية أحب الكتابة بأسلوب الذات ، أي بضمير المتكلم ، ربما تأثرا بقراءاتي وبكتابة يومياتي. فهذا الأسلوب يجعلني أتماهى مع شخصياتي ، أغور في أعماق نفوسهم وأعيش حالاتهم. أحب استخدام لغة بسيطة ، واضحة ، سلسة وقريبة من اللغة الدارجة ، خاصة خلال الحوارات بين الشخصيات. أحب توظيف الحوار في كتاباتي ، خاصة في قصصي الطويلة ، وكنت في بداياتي أستخدمه كثيرا حتى في قصصي القصيرة ولكنني الآن بت أختزله قدر الإمكان. فالحوار أداة تمكنني من التعريف بالشخصيات ، تصوير مواقفهم ومشاعرهم وإثارة التعاطف معهم".

ما هي الموضوعات التي تتناولينها في كتاباتك القصصية والروائية ؟

"كتاباتي تتناول المواضيع الاجتماعية ، والإنسانية بالدرجة الأولى. أكتب عما يختلج في صدري ويعتري ذهني مما أراه في الواقع المعاش والبيئة المحيطة بي، عن التناقضات الرهيبة في المجتمع. 

كتبت عن المرأة ، عن همومها وطرحت بعض مشاكلها في المجتمع ، كما كتبت أيضا عن الرجل وبعض ما يعاني من مشاكل ، وخاصة في علاقته مع المرأة ، ففي قصة "انتقام امرأة" كتبت عن ظلم المرأة للرجل بسبب شعورها بالإهانة والمس بكرامتها لمجرد رفضه للتقرب منها ، وتطرقت لبعض ما يمكن للمرأة فعله بدافع الحقد والبغضاء. ولدي قصص أخرى عن الرجل مثل "مهمة في الزواج" و"أحلام كبيرة". وكتبت عن تغيّر الحب بعد الزواج في "الرجل الآخر" وما يعتري المرأة من أحاسيس ورغبات في روتين الحياة. كما كتبت عن موضوع الطلاق في قصة "تساؤلات بريئة"، هذه الظاهرة التي تزداد انتشارا في مجتمعنا، كتبت عن تأثيره على الأبناء من خلال التساؤلات التي تنتابهم". 

هل تسيرين في نتاجك القصصي والروائي ضمن اطار اجتماعي أو فكري ، أم إنك تتفاعلين مع التجربة الآنية ؟

"لا أحصر نفسي ضمن إطار معين بل أكتب من خلال تجاربي وتجارب الآخرين كما أراها ، أسمع عنها وأحس بها ، فالتجارب الذاتية لها أهمية كبيرة برأيي في إثراء العمل الإبداعي. أتفاعل مع كل ما يحدث من حولي وأطرح التساؤلات لأسلط الضوء على بعض الأمور التي قد لا ينتبه إليها البعض ، وأحاول ألا أفرض رأيي ولا أطرح الحلول ، بل هدفي أن أدع القارئ يفكر بنفسه ، يتساءل ويجيب بنفسه لنفسه،  وقد يتغيّر مسار تفكيري من نتاج الى آخر ، مثلما يغير أي إنسان آراءه ومواقفه متأثرا بتجاربه الحياتية ، فذلك شيء طبيعي وجيد برأيي ، لأنه أفضل من أن يبقى الإنسان أسيرا لفكر خاطئ أو ناقص طوال حياته". (حاورها : شاكر فريد حسن)