بسم الله الرحمن الرحيم
لماذا تحيي الامة الشركسية ذكرى الابادة الجماعية الشركسية والتهجير القسري (1)
تحيي الامة الشركسية في الوطن الام وفي اماكن تواجدها في المهجر في 21/5/ من كل عام ذكرى المأساة التاريخية الكبرى التي ألمت بالأمة الشركسية ذكرى الابادة الجماعية الشركسية والتهجير القسري جراء العدوان الذي قامت به القوات الروسية القيصرية ضد الإنسان والأرض الشركسية بهدف القضاء على الإنسان الشركسي واحتلال أرضه الوطن التاريخي للشراكسة (شركيسيا الكبرى) أي ارض بلا مواطنين ,
كان الهدف من العدوان إفناء الشعب الشركسي عن بكرة أبيه لذلك قامت هذه القوات بإتباع كل الوسائل الكفيلة بإبادة الشعب الشركسي من قتل للإنسان الشركسي دون أن يفرق بين رجل وامرأة وطفل وشيخ وتدمير كل وسائل العيش بحرق المزارع والحقول ونهب الثروات من غلال وحيوانات تخصهم وتهجير ما تبقى إلى أصقاع المعمورة .
وسأوردهنا مشاهد عن بعض فظائع أعمالهم:
مع انهيار الخطوط والدفاعات الشركسية بدأت حرب الإبادة التي قادها كل من الجنرالات افريين وغايمان وشاتيلوف وميرسكي وغيرهم الكثير .وكان هناك الآلاف من القرى والبلدات الشركسية التي أبيدت وأحرقت .فعلى سبيل المثال عندما تقدمت إحدى القوات الروسية المؤلفة من 14000 جندي .لم تكن القوات المدافعة في تلك المنطقة تزيد على سبعمائة مقاتل ,
وبعد أن دمر الروس القرية كتب احد الشعراء الروس يقول :...( لقد ذبحوا الأطفال كأنهم نعاج ،وقتلوا الشيوخ كأنهم شباب ،واستباحوا النساء كأنهن بغايا .لم يبق في القرية حجر على حجر ،أو جذع على شجرة ،أو طير على غصن ،أو طفل على ذراع !... الموت يحصد بمنجله الرؤوس ،والمرض ينتشر في الجو كالضباب والوباء الفتاك يطل برأسه الأسود على القرى المقوضة ،وينعق على خرائبها كالغراب .) مقتبس من الوثائق الروسية الرسمية ,
وفي إحدى القرى كان عدد الشراكسة المدافعين حوالي 70 شخصا ،وكانوا مسلحين بأسلحة تقليدية وبنادق عادية ،وبعد مقاومة عنيفة لم ينج من هذه المعركة سوى طفل صغير ،لم يبق له إلا أن يلحق بالقوة التي دمرت قريته وقتلت أباه وأمه ،ويصف احد الضباط الروس هذا المنظر المؤلم قائلا : ( خلف القوى مشى ولد رث الثياب حافي القدمين مطرقا ،يحدق في الطريق المتربة ،وبعد أن قطعت العربة الطريق الذي يتلوى كالأفعى صاعدا إلى قمة الجبل توقف الولد وانتظر حتى ابتعدت القوى قليلا ،ثم استدار والقي نظرة مفعمة باليتم إلى القرية التي ترقد في الأسفل ،كان الطفل يهجر الى الأبد مسقط رأسه ،هذا الطفل الشركسي الذي فتح عينيه على العاطفة والجمال ،صدمته الحياة بقسوة ووحشية باقتلاع جذور عائلته ،وبينما كانت عيناه جامدتين على قريته الصغيرة ،عادت إلى مخيلته الأهوال والمصائب التي حلت بها وكيف قتل الجنود أباه وأمه ،وفكر بأنه لم يبق له احد كان موقنا بأنه أصبح يتيما يتما كاملا ،ولا يعرف شيئا عما يخبئه له الغد هذه الصور تتكلم عن نفسها ولا تحتاج إلى تعليق .
مع حرب الإبادة ،وانتشار الأمراض والأوبئة فقد الشركس الأمل في الحياة والبقاء .وقد تم اقتلاع وإبعاد معظمهم إلى الشاطئ لانتظار عمليات التهجير القسرية .
فماذا يمكن للإنسان أن يحمل معه ؟سلاحه وابنه وماله .كان منظر هؤلاء وهم يهجرون إلى الأبد قراهم التي احرقها الروس يدعو إلى الحزن العميق ،وقد مات الكثير منهم بسبب الجوع والبرد والمرض .يصف احد الضباط الروس منظر هؤلاء : ( رأيت أناسا رجالا ونساء مستلقين على الأرض فرادا وجماعات ،وأحيانا بشكل صف طويل ،بعضهم انكب على وجهه أو على جانبه ،والأكثر كان مستلقيا على ظهره وقد عقدوا أيديهم على صدورهم .مشيت مارا فوق الجثث رايت جثة وقد غطى وجهها قلبق شركسي ،ووقف أمامها حصان دون سرج ،وقد اخفض رأسه ولاحظت أن الحصان كان هزيلا جدا ،حيث ظهرت عظام ظهره وغار بطنه ،وفهمت انه يقف بصعوبة وقد قرر الموت إلى جانب صاحبه وعندما أدرت وجهي جانبا رأيت امرأة عجوزا وجهها مغطى بمنديل صوفي ،ظهر من تحته شعر رمادي طويل ،وصبيا متقوقعا على نفسه حتى أن ركبتيه قد وصلت الى ذقنه ، ) مقتبس من الوثائق الروسي الرسمية
هذه المشاهد جميعها تشير إلى فظاعة الأعمال التي كانت القوات الروسية تقترفها بحق الشراكسة
لماذا تحيي الامة الشركسية ذكرى الابادة الجماعية الشركسية والتهجير القسري ؟ (2)
إن البيانات التي كان الحكام الروس ينشرونها كوسيلة للإعلان عن خططهم ونتائج العمليات العسكرية في الحروب الروسية الشركسية جاءت صاعقة للعالم المتحضر حيث انعكست بوضوح مدى الم الشعب الشركسي والمآسي التي عانى منها نتيجة لمقاومته الباسلة الطويلة ودفاعه عن حريته وفي ما يلي بعض من تلك البيانات :
(لا يمكن إخضاع الشعب الشركسي سوى بالرعب والقتل ،ليس هناك طرق أخرى للتغلب عليه (الجنرال يرمولوف)
القرى تحترق لا احد آت للمساعدة الحراب التي تخترق البيوت لا ترحم أطفالا ولا شيوخا ولا نساء يلطخون الفتيات المسكينات وأمهاتهن بأيد دموية (الشاعر الروسي ليرمونتوف)) ,
لا ابحث عن السلام وحسن الجوار أني أطالبهم باستسلام لي دون مقاومة ،سوف استمر بالهجوم بكامل القوة إلى حين ما يغادر آخر الجبليين إلى حيث ما أشير (الجنرال يفدوكيموف )
شملت خطة الحكم القيصري المعنية بسياسة الاحتلال والوصول الى المياه الدافئة في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر ما يلي
إضعاف الشركس عن طريق القضاء على المقاومة بواسطة الحروب والتهجير القسري للشركس ,
تأهيل الأراضي المهجورة بالقوزاق والمهاجرين الروس ,
فالعدوان الروسي القيصري خلف آثارا سلبية جدا ووضع الشعب الشركسي وحضارته على شفا حفرة الفناء التام ,
لقد فقد الشعب الشركسي في الحروب الروسية - الشركسية أكثر من مليون إنسان على مدى (100) عام ونيف ،كما هجر (90%) ممن سلم إلى الإمبراطورية العثمانية ،وتبقى من أراضي شركيسيا الكبرى اقل من (10%) من الأراضي التي تعتبر الأرض التاريخية منذ صدر التاريخ للشعب الشركسي ،لقد انقرضت قبائل شركسية كثيرة عن بكرة أبيها مثل قبائل الماخوش ،الناتخواي ،الجانة ،والاوبخ ،وكذلك قبائل كبيرة مثل الابزاخ الذي كان يزيد عددهم عن (400) الف نسمة أصبحوا اليوم يعيشون في قرية صغيرة في الاديغي لا يزيد عدد سكانها عن (3000) نسمة ،وكذلك قبائل الشابسوغ التي كانت اكبر القبائل الشركسية وتستوطن سواحل البحر الاسود القفقاسية من تامان حتى سوتشي أصبح أبناء هذه القبيلة التي كان عدد أفرادها يفوق (700) ألف نسمة يعيشون في عدة قرى صغيرة مجموع سكانها لا يتجاوز (10) آلاف نسمة ،البقية الباقية من الشعب الشركسي التي لم تتعرض للتهجير القسري تم توطينها على شكل مجموعات بشرية صغيرة العدد في القرى ،بعيدة الواحدة عن الأخرى ومحاطة بعشرات القرى القزقية التي بنيت على أنقاض القرى الشركسية المحروقة وذلك لسهولة السيطرة عليهم .يتبع..... ,
محمد شعيب حمزوق