هل ستتبع روسيا انهيار الإتحاد السوفياتي - ولنفس الأسباب؟


بول غوبل

ترجمة: عادل بشقوي

ستاونتون، 13 ديسمبر/كانون الأوّل - يشير أربعة محللين من الروس إلى أن الأسباب الستة التي تحدّد بأنها وراء انهيار الإتحاد السوفياتي هي مرة أخرى بادية بدرجات متفاوتة في روسيا في الوقت الحاضر، ولكن ما قد يكون أكثر إثارة للاهتمام من القضايا التي يحددوها هي القضية التي لا يأتوا على ذكرها: في السبل التي يمكن للستة آسباب أن تؤثّر على السابعة: القومية الروسية وغير الروسية.

في مقال صدر هذا الأسبوع في صحيفة “روسكي ريبورتر
 وتألّف من 4400 كلمة، ينظر كل من فلاديمير بازانوت
 وأندري فيسيلوفوديمتري كاربتس وألكسندر بتوتسكي إلى أي مدى ستكون الأسباب الستة التي يتحدّثون عنها قد أدّت إلى زوال الإتحاد السوفياتي وتكون قادرة على لعب دور مماثل في حالة الفيدراليّة الرّوسيّة الآن أو في المستقبل القريب.

إنهم لا يستخلصون النتائج، ولكن الأسباب الّتي يسردونها ويبحثونها - تضعف بسبب أسعار النفط، وفساد النخبة الحاكمة، والركود الاقتصادي، ونقص السلع الاستهلاكية، وحرب خارجية طويلة، وانهيار الدّعم الشّعبي لأيديولوجية الدولة - تمتص ما يشيرون إليه وما لا يفعلون على حدٍ سواء.

في كل حالة، يناقشون ما يدعونه التأثير الموضوعي وغير الموضوعي لها على الإتحاد السّوفياتي ومن ثم النظر في مدى مفعول نفس هذه العوامل في الوقت الحاضر، وتفيد بصراحة بأن وضع روسيا الآن مختلف، في بعض الحالات أفضل ولكن في حالات أخرى أسوأ مما كانت عليه قبل 30 عاما.

ويشيرون بأن الميزة الرئيسية لروسيا هي أن موسكو اليوم لديها الوقت للنظر فيما حدث قبل جيل من الآن واستخلاص النتائج. ويجادل الأربعة بما يبقى من سؤال لم تتم الإجابة عليه بعد، هو ما إذاسيكون لدى القيادة الشجاعة للاستفادة من الدروس التي توفرها تلك الأحداث السابقة أو ستجعل روسيا تسقط في الفخ نفسه؟

أولا، في كلا نهاية الحقبة السوفياتية والوقت الحاضر، يقول الأربعة أن موسكو تعتمد على تصدير النفط لصون الذات، ولكن الفرق الكبير، هو ما يهم إلى حدٍ كبير، وهو أن الأسباب التي أدت إلى تراجع أسعار النفط الآن هي مختلفة جدا عما كانت عليه في أعوام الثمانينيات من القرن الماضي، و قد تثبت انها أكثر حدة وأقل من ذلك على حد سواء.

ويشيرون إلى أنّها أكثر حدّة، في ذلك أن الأسباب هي أدنى نتيجة لسياسات محددة والتي من الممكن أن تكون معكوسة، وأقل من ذلك لأن الغرب له مصلحة أيضاً في ضمان أن الأسعار لا تنخفض كثيراً خشية أن يصبح التصديع المائيغير مجدي مادّيّاً.

ثانياً، إن تفسخ النخبة 
المدعومة من قبل حزب الدولة وصعود ما طالب به ميلوفان جيلس
الطّبقة الجديدة لعب دوراً في زوال الإتّحاد السّوفياتّي: أراد قادة الحزب بكل بساطة امتلاك من يحكمون، حسبما يقول الأربعة. حيث أن نخبة بوتين مختلفة، ومرة أخرى لها إيجابيات وسلبيات لمستقبل روسيا.

فمن جهة، “تشكلت شبكة وفقاً للثقة الشخصية”، لكن من الجهة الأخرى، لم يتم تسوية لمشكلة تناوب الكوادر في المناطق. بدلا من ذلك، ما حدث هو أن بعض القادة الأكبر سنا بقوا في السلطة، في حينأن البعض الإخر حل محلهم أشخاصاً مجهولي الهوية ومن غير كارزمة.

ثالثا، كما كان الحال في أعوام الثمانينيات من القرن الماضي، تواجه روسيا ركوداً إقتصادياً، ولكن في ذلك الحين كان لديها القليل للقيام به مع الهبوط الفعلي بدلاً من مزيد من السقوط وراء الغرب. الآن، هي أيضا آخذة في الانخفاض. وعلاوة على ذلك، يقول الأربعة، عانت روسيا “سنوات من تصفية التصنيع”، وسوف تحتاج إلى “قفزة كبيرة إلى الأمام” لتجنب السقوط في فخ مماثل.

رابعا، عانى النظام السوفياتي بسبب التخطيط المركزي باستمرار من نقص السلع الاستهلاكية. المعاناة الآن، ليست شديدة جداً، على الرغم من العقوبات ومكافحة العقوبات قد تؤدي إلى تفاقم الحالة بحيث يكون الروس، بمن فيهم القادة الروس، قد تعودوا انه من السهل نسبيا الحصول على السلع الغربية.

خامسا، كان تورط السوفيات في أفغانستان مختلف تماما عن المشاركة الروسية في أوكرانيا، ولكن تم النظر إلى “تدخل روسيا في النزاع الأوكراني في الجنوب الشرقي من البلاد والعملية العسكرية - السياسية في شبه جزيرة القرم” من قبل وسائل الاعلام الغربية والمجتمع الروسي على أنها قضية أخرى تعتبر فيها موسكو “المعتدية".

وسادساً، فإن الإيمان بالفكر السوفياتي قد خمد عبر جميع مراحل أي “ديانة”. تواجه روسيا اليوم وضعاً هو “أفضل وأسوأ: بحيث أنه لا يمكن أن تخمد ايديولوجيتها لأنها غير موجودة”.

وكان الوضع في وقت بريجنيف مشابهاً الى حد ما لوضع تراجع الإيمان في الشيوعية، حيث كان هناك ارتباك أيديولوجي. ويقول الأربعة، لكن اليوم، فإن الوضع أكثر خطورة بكثير. لم تعد موسكو قادرة على “التغلب على صيغة دفاعيّة” بقدر ما يتعلّق الأمر بالاعتقاد العام.

ويقول المحللون الأربعة، “لقد استعدنا الموقع الأمامي، القرم، وهو أمر في غاية من الأهمية في جغرافيا الذهن الوطني ولكن في الواقع، نحن كما في الماضي لا نعرف ما هو الذي يربطنا سوياً مع {شعب لطيف} غير التاريخ المشترك إلى جانب اللغة”.

ما عرضه الكرملين، يعتبر أمراً وطنياً بناء على عرض محافظ لما هو متوفر وممزوج جنبا إلى جنب مع تديّن معين، وذلك لا يكاد يكفي، فهناك سبب وجيه يدعو إلى الاعتقاد بأن “رسل المحافظين الروس الجدد، الذين كانوا بالأمس في اتحاد الشبيبة الشيوعية اللينينية في الإتحاد السوفياتي (كومسومول) وأعضاء في الحزب الذين مرّوا عبر أحداث سنوات التسعينيات من القرن الماضي”، سوف لن يتّجهوا إلى أمرٍ آخر “في أول مناسبة متاحة”.

لا يوحي الأربعة بما يمكن أن يكون، ولكن يفعل ذلك تاريخ نهاية الإتحاد السّوفياتي: عندما يخمدالإيمان في مشروع وطني - فائق، يلجأ الناس أكثر من أي وقت مضى إلى القومية أو شبه القومية. لقد قضى ذلك التحول على الإتحاد السوفياتي.

ويمكن، على الرغم من هذا السبب بأن لا يكون في قائمة الأربعة، أن يقضى على الفيدراليّة الروسية كذلك.

المصدر: