النشطاء الشركس يبحثون عن حلفاء في حين يعاد توطين اللاجئين الأوكرانيين في المنطقة


الصورة: بطل المصارعة الأولمبي أصلان بك خوشتوف 
 رئيس قباردينو - بلكاريا ويوري كوكوف، يقومان بإيقاد الشعلة الاولمبية في مدينة نالتشيك

النشطاء الشركس يبحثون عن حلفاء في حين يعاد توطين اللاجئين الأوكرانيين في المنطقة — تقييم صافي للوضع في شمال غرب القوقاز منذ بداية عام 2014

الكاتب: فاليري دزوتسيف 
ترجمة: عادل بشقوي

هيمنت أولمبياد سوتشي والقضايا المتعلقة باللاجئين من سوريا على الخطاب السياسي في شمال غرب القوقاز بالنسبة لمعظم هذا العام. وكان للأزمة الروسية - الأوكرانية المفاجئة أيضا أصداء في هذا الجزء من القوقاز. والعداء بين كييف وموسكو حضّ الشركس للسعي للحصول على اعتراف الحكومة الأوكرانية بأن تصرّفات الإمبراطورية الروسية ضد الشراكسة كانت "إبادة جماعية". وكالعادة، رفض بعض الشركس الموالين لموسكو الحصول على المساعدة من أوكرانيا، لكن أيد أغلب الشركس النداء الموجّه للقيادة الأوكرانية والّذي وقّعه ناشطون من الشركس من شمال القوقاز والشتات

في يوم 7 فبراير/شباط، والمصادف لليوم الأول من دورة الألعاب الأولمبية الشتوية في سوتشي، نظمت مجموعة من الشركس غير التابعين لأي جهة احتجاجاً علنياً متواضعاً في نالتشيك، عاصمة قباردينو - بلكاريا، ولكن قمعت الاحتجاجات بسرعة قامت الأجهزة الأمنية بإجراء رقابة على الناشطين الشركس المعروفين، لكن أثبت ذلك عجزاً في مراقبة المجموعات التي نشأت ذاتياً، والتي تم تنظيمها بسرعة عبر وسائل الاعلام الاجتماعية من أجل تنظيم احتجاجات عامة 

ويوري كوكوف الذي عمل جنرالاً في الشرطة مع خبرة في مكافحة الجريمة المنظمة والتمرد، حل في ديسمبر/كانون الأول 2013 محل الحاكم السابق لجمهوريّة قباردينو - بلكاريا أرسين كانوكوف. وفي أكتوبر/تشرين الأول 2014، قام برلمان قباردينو - بلكاريا بالمصادقة رسميا على تعيين كوكوف رئيساً لقباردينو - بلكاريا. وكوكوف هو أقل شهرة بكثير من سلفه. وقد أدى التغيير في حكم الجمهورية، كما هو الحال في الجمهوريات المضطرِبة الأخرى في شمال القوقاز، إلى انخفاض في أنشطة المتمردين. إن تأثير التهدئة لحاكم جديد يشير إلى أن الصراع في شمال القوقاز هو سياسي، وسوف يعمل إعادة الانتخابات المباشرة في المنطقة على جعل زعماء المتمردين أقل جاذبية للقطاعات المحرومة من السكان. لم ينتهي العنف المرتبط بالتمرد في قباردينو - بلكاريا تماما، في حين لم تختفي مزاعم إساءة استخدام السلطة الّتي تقوم بها الشرطة.

في 1 أغسطس/آب عثر على الصحفي المعروف من قباردينو - بلكاريا، تيمور كواشيف ميتا في ضواحي نالتشيك. وعرف الصحفي البالغ من العمر 26 عاما بآرائه السياسية المعتدلة ودرجة معينة من الشعبية مع الشباب المسلم. وفي الوقت نفسه، كان كواشيف مقرباً من ماكسيم شيفتشينكو وهو صحفي موالي بإخلاص للكرملين ربما حدث إغتيال كواشيف نتيجة لاختلاف بين الفصائل المختلفة في الحكومة الروسية التي تتنافس في التأثير على القضايا السياسية في المنطقة. وفي حالة محتملة أخرى في حملة القضاء على الشباب المسلمين ذوي الشعبية، قتل في 16 أغسطس/آب نائب مفتي أوسيتيا الشمالية وإمام مسجد فلاديكفكاز رسول حمزاتوف البالغ من العمر 32 عاما

على الرغم من الصلة المباشرة بين التمثيل السياسي الشعبي والاستقرار السياسي في شمال القوقاز، يبدو أن موسكو تعود على نحو متزايد إلى الحكم المباشر في المنطقة. وتحت ضغط من موسكو، اعتمدت جميع الجمهوريات في شمال-غرب القوقاز واحدة تلو الأخرى تغييرات في تشريعاتها لإحلال تعيين الحكام من قبل الرئيس الروسي بدلاً من الانتخاب المباشر. وفي حقيقة لتقاليد روسيا الإمبراطورية والإتحاد السوفياتي، فإن الحكومة الروسية المعاصرة منغمسة في حرب معلوماتيّة، طارحة بذلك تصريحات متبادلة مقصورة على شمال القوقاز. كانت الرسالة للدعاية الروسية أن شعوب شمال القوقاز "ليست مستعدة للانتخابات”. وفي الوقت نفسه، زعمت موسكو أن جمهوريات شمال القوقاز نفسها اختارت رفض الانتخابات المباشرة للحكام. في الواقع، فإن إصرار موسكو على تعيين الحكام في شمال القوقاز والسماح للمناطق ذات العرق الروسي بأن تختار حكامها يشير إلى أن موسكو لا يمكنها السيطرة بشكلٍ وثيق على العمليات الانتخابية في شمال القوقاز. وهذا يعني بالضّرورة أن جمهوريات شمال القوقاز مجهّزة بشكل أفضل لعملية تنافس سياسي من العديد من المناطق العرقية الروسية، حيث كانت المعارضة هي أي شيء ما عدا انه قضي عليها، والإنتخابات تسفر عن النتائج المرجوة من قبل الكرملين.

بحلول بداية عام 2014، احتوت الحكومة الروسية تدفّقاً طفيفاً من اللاجئين الشركس من سوريا. مرة أخرى، فضّلت موسكو التصرف بهدوء، فبدلا من الإستعداء العلني للشركس في شمال القوقاز، أوقفت إصدار تأشيرات دخول للاجئين الشركس، وأوقفت عمل المنظمات الشركسية وجعلت حياة ما يقدر ب 1600 لاجئ شركسي من سوريا من الصعوبة بمكان وفي الوقت نفسه، تلقّى اللاجئون العرقيّون الروس من أوكرانيا بوضوح معاملة تفضيلية من الحكومة. قبلت كل جمهوريّة من جمهوريات شمال القوقاز على الأقل مئات من اللاجئين من أوكرانيا، ووفّرت لهم الغذاء والمأوى والرعاية الصحية وحتى الوظائف. جمهوريّة أديغيا، التي يبلغ عدد سكانها أقل من 500،000 نسمة، استقبلت أكثر من 2،000 لاجئ من أوكرانيا بحلول بداية أغسطس/آب واستمر اللاجئون بالوصول 

وقد بدأ بعض الناشطين الشركس بالتذمر من معاملة الحكومة الروسية المنحازة تجاه الشركس من سوريا، وأصبح التناقض بين وضعهم ووضع الروس من أوكرانيا صارخاً. إعادة توطين اللاجئين الأوكرانيّين في جمهوريات شمال القوقاز المعروفة ببطالتها المزمنة يشير إلى أن الحكومة الروسية قد تنفذ مشروع هندسة إجتماعية ينطوي على إعادة توطين أكبر عدد من العرقيّين الروس في المنطقة في محاولة لتغيير التوازن العرقي في هذه المناطق، والتي تصبح على نحو متزايد الأوطان المتجانسة للمجموعات العرقية في شمال القوقاز.

ظل النشاط السياسي الشركسي حياً بعد أولمبياد سوتشي، وتعطي الأزمة الروسية - الأوكرانية الشركس الأمل بأن يتلقوا المزيد من الدعم من الدول المجاورة. لقد أعطى الاعتراف الجورجي بِ"الإبادة الجماعية" الشركسية في عام 2011 دفعة قوية لآمال الشركس بأن موسكو ستبدأ بأخذ مطالبهم على محمل الجد. إن إنكار الحكومة الروسية للمشكلة لم يفعل شيئا يذكر لمعالجة الهموم الشركسيّة، حيث أن من المرجح أن تستمر المشاحنات بين الحكومة المركزية والنشطاء الشركس.

المصدر
jamestown.org