بول غوبل (Paul Goble)
ترجمة: عادل بشقوي
21 يناير/كانون الثّاني 2014
ستاونتون، 20 يناير/كانون الثاني – أجمعت معظم التعليقات في الجدل الحاصل في موسكو والغرب بأن الأعمال الإرهابية الأخيرة في فولغوغراد (Volgograd) جرت للتّشويش على أولمبياد سوتشي، وصدر تلميح بأن البعض في العاصمة الروسية وجد ذريعة من أجل تبرير تشديد الأمن خلال المشاركة بالمنافسات.
ولكن حتى لو أن هؤلاء الّذين يقفون وراء الهجمات ليسوا راضين عن الإهتمام الّذي توفّره لهم هذه الصّلة، يشير نيكولاي بروتسنكو (Nikolay Protsenko) في نشرة اليوم من "إكسبرت يوغ” (Ekspert Yug)، بأن أفعالهم تعكس تطورات أوسع لدى كل من المسلحين وهياكل القوة الروسية وينبئ بعنف أكثر خطورة في السنوات القادمة (expert.ru/south/2014/04/delo-ne-tolko-v-olimpiade/#.Ut0I1LROmM9).
إن تصاعد النشاط الإرهابي الحالي في الأجزاء الجنوبية من روسيا، يقول المحلل، "هو فقط يتصادف مع اقتراب الأولمبياد”. وبدلا من ذلك، فإنه يعكس حقيقة أن اليوم "توجد بؤر للنشاط المتطرف في جميع المناطق الجنوبية” للفيدراليّة الرّوسيّة وليس فقط في بعض جمهوريات شمال القوقاز كما كان الحال سابقا.
العديد من المسؤولين الروس في موسكو وهناك كانوا قد ركنوا إلى الشعور بالأمن لأنّه "قبل أسبوع واحد فقط” من هجمات فولغوغراد، ذكرت وكالة أنباء قفقاس – أوزيل (Kavkaz-Uzel) أن عدد هؤلاء الّذين قتلوا وجرحوا في الأعمال الإرهابية قد انخفض منذ تشكيل منطقة شمال القوقاز الفيدراليّة في عام 2010.
ذلك لا يعني أن الأمور كانت هادئة، يقول بروتسنكو. "الأعمال الإرهابية وعمليات مكافحة الإرهاب كما كان سابقاً أعاد واقعا يوميا في شمال القوقاز، ولكن في عام 2013، لم يكن هناك في الواقع أي هجمات إرهابية كبيرة أو جدير بالذكر مع عدد كبير من الضحايا كما كان هناك في السنوات السّابقة”.
كان لهياكل القوة الروسية بعض النجاح الملحوظ في قطع رأس العديد من الجماعات، وكنتيجة لذلك، فإن الجماعات مستمرة من خلال عملية تجديد الأجيال. لكن بدلا من أن يكون خطوة إلى الأمام نحو التهدئة، حسبما يقول بروتسنكو، فإنه من المرجح أن يكون الجيل الجديد من القادة المتشددين أكثر عنفا من سابقيه.
فمن ناحية، كما يشير، هؤلاء الرجال المستجدين لهم مصلحة في الفوز بالسلطة والاهتمام بأنفسهم. وتنظيم هجمات كبيرة هي واحدة من أفضل الوسائل للقيام بذلك. ومن ناحية أخرى، فإن قادة النشطاء الحديثين يخرجون حتى من بيئة أكثر عنفا مما كان عليه أسلافهم، ومن بيئة اكثر تطرفا إسلامياً وأكثر إحتمالاً لأن يكون لديهم خبرة في الخارج.
كان لهياكل القوة المختلفة في روسيا نجاحات حقيقية ضد المقاتلين في الماضي، يقول بروتسنكو، ولكن في نفس الوقت وإلى حد ما بسبب هذا النجاح المحدّد، "فقد انخفض مستوى فعالية عمل أجهزة تنفيذ القانون من سنة إلى أخرى”.
انه يلمّح بأن إلغاء إدارة وزارة الشّؤون الداخلية لإدارة الصراع مع الجريمة المنظمة في عام 2008 لعب دورا سلبيا خاصة في هذا الصدد لأنه دفع بلعديد من الضباط الأكثر خبرة لترك الخدمة، وبالتالي يعني جيل جديد من الحرس القديم (siloviki) يجب أن يتعلّم من خلال الممارسة ومن دون أن يكون هناك مدرّبين.
أحداث فولغوغراد تؤكد هذه الحقائق وعدة حقائق أخرى مثيرة للقلق. "لقد تم اختيار فولغوغراد من قبل الإرهابيين بعيدا عن أن يكون عن طريق الخطأ”، يقول بروتسنكو. لم يكن فقط بسبب سوتشي أو للانتقام من دبلوماسية موسكو في سوريا. كان أولا و قبل كل شيء عن نمو جماعة اسلامية في فولغوغراد وعن أوجه القصور في عمل الشرطة هناك.
برهنت شرطة فولغوغراد ضعفها في أحدث موجة من أعمال العنف. كانوا تماماً من آخر هياكل القوة للوصول إلى المشهد، يقول المحلل، وهي حقيقة محزنة تلفت الانتباه إلى مشكلتين أخريين: فولغوغراد هي "أكثر ضعفاً بكثير من ما هو مدرج في إدارة الفيدراليّة العموديّة” منها في المناطق المجاورة لها وكذلك اقتصادها الّذي يعاني من "اكتئاب مزمن”.
أوجدت تلك الأمور الثلاثة أرضا خصبة مثالية وساحة عمليات للمتشددين. وعلاوة على ذلك، فولغوغراد، مدينة روسية على حافة العالم المسلم، أصبحت مكانا حيث يتم تحويل المتشددين من أصل روسي بنجاح لصنفهم من الإسلام المتطرف والمتشدّد .
وفقا لأحد المتخصصين الروسي بهذا الشأن، هناك حوالي 7,000 من المسلمين العرقيّين الرّوس في الوقت الحاضر – وهو عدد قد يشكّك فيه البعض — لكن هذا الباحث من قازان (Kazan)، رئيس سليمانوف (Rais Suleymanov)، يقول أنهم يسهمون من حيث النسبة المئوية أكثر بكثير من الإرهابيين الّذي تشكله دول إسلاميّة أكبر.
ويخلص بروتسنكو في مقاله بالقول ان المسح المختص الّذي أجراه عن الإرهاب توصّل إلى شبه إجماع أنه ستكون هناك المزيد من الهجمات الإرهابية الكبيرة في المستقبل القريب وستتوسع دائرتها "الجغرافيّة”. علاوة على ذلك، قال الخبراء، فإن هذه لن تنتهي مع سوتشّي لأنه حتى بعد الأولمبياد ستكون هناك أحداثاً أخرى سيستخدمها الإرهابيون لجذب الانتباه.