بلدة بالقرب من سوتشي تعتزم إقامة مهرجان إحتفالي في اليوم الذي يحيي فيه الشراكسة ذكرى موتاهم



تقديم: فاليري دزوتساتي 

ترجمة: عادل بشقوي

في 12 فبراير/شباط الحالي، أشار الموقع الالكتروني الشركسي ناتبرس  إلى أن إدارة بلدة كراسنايا بوليانا في منطقة كراسنودار قامت بتغيير يوم احتفالات البلدة، والتي تشمل الحفلات الموسيقية والمسابقات الرياضية وغيرها من الوقائع، إلى يوم 21 مايو/أيار. أغضب الخبر العديد من الشركس لأن يوم 21 مايو/أيار هو التاريخ التقليدي ليوم الحزن الشركسي. ويعتقد أن في ذلك اليوم، من عام 1864، أقام الجيش الإمبراطوري الروسي استعراضاً في منطقة كراسنايا بوليانا، التي تقع بالقرب من مدينة سوتشي، للاحتفال بانتصار القيصرية الروسية النهائي على القوات الشركسية. بالتالي، أجبر الجزء الأكبر من الشركس على مغادرة وطنهم. مات الكثير نتيجة للجوع والمرض على طول الطريق. وأشار مدير ناتبرس بسخرية إلى أنه من أجل إبقاء الاحتفالات أقرب ما يمكن إلى الواقع التاريخي، ينبغي على البلدة أيضا أن تقيم استعراضاً مسرحياً، بحيث يلعب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين دور أحد أعضاء العائلة المالكة الروسية، في حين يقوم مجدين شرمت ، وهو شركسي الإثنية عين مؤخرا نائبا لرئيس بلدية سوتشي، بلعب دور “المتوحش الشركسي” (Natpressru.info, February 12).

وقام ناشطين شركس آخرين بابداء ردود أكثر شدة على مبادرة البلدة الواقعة في منطقة كراسنودار. كتبت الصحفية سوليتا كوسوفا-شوخو: “هذه ليست حتى رهاب القوقاز آو رهاب ضد الشركس. هذه أعمال تخريبية في روسيا يتم توجيهها إلى زعزعة استقرار الوضع في جنوب البلاد.” وأشارت كوسوفا-شوخو إلى المشاكل المستعصية الأخرى في منطقة كراسنودار، بما في ذلك حملة إقامة النصب التذكارية للأباطرة الروس والقادة العسكريين الذين دحروا الشركس باستخدامهم أساليب قاسية بشكل إستثنائي. وكان قد تم إقامة نصب تذكاري في الآونة الأخيرة في مدينة أرمافير للجنرال غريغوري زاس ، والمعروف بجمع الجماجم الشركسية. وقائد عسكري روسي آخر اشتهر بقسوته، هو ميخائيل لازاريف، تم تكريمة بإقامة نصب تذكاري له في سوتشي جنبا إلى جنب مع القيصر الكسندر الثاني . وتساءلت كوسوفا-شوخو: “لماذا تقام النصب التذكارية على أرض الشعب الذى تمت إبادته، والإحتفال بالأعياد وبالتحديد في يوم الحزن لأحد شعوب روسيا؟” وبشكل أكثر عمقاً، أشاد محافظ منطقة كراسنودار فينيامين كوندراتييف ، بمئة وستة وأربعين من القوزاق الذين ماتوا وهم يدافعون عن أنفسهم ضد قوة من 4000 شركسي خلال الحرب الروسية – الشركسية. بعد ذلك تعهد كوندراتييف بتربية الجيل القادم بجعل هؤلاء القوزاق قدوة لهم. وعلى ما يبدو لم يدرك، إنّهُ سواء للأفضل أو للأسوأ، فإن كلا الروس أو الشركس هم الآن من مواطني الفيدرالية الروسية، وبحقوق متساوية (Onkavkaz.com, February 14).

اتصل الناشط الشركسي تالوستان كيرتوف  هاتفياً بإدارة بلدة كراسنايا بوليانا، وتحدث إلى عدد من المسؤولين، الذين أنكروا أنهم يهدفون إلى استعداء الشركس. وناشط شركسي آخر، هو أصلان بشتو  قال لخدمة انباء إكو كافكازا (Ekho Kavkaza) انه لا يعتقد أن تغيير تاريخ الإحتفالات قد تغير إلى 21 مايو/أيار عن غير قصد. وقد احتفل في الماضي بيوم كراسنايا بوليانا في يوم الأحد الثاني من شهر سبتمبر/أيلول على مدى السنوات الخمس الماضية، استنادا إلى الاعتقاد بأن المستوطنين الروس الأوائل وصولوا إلى المنطقة في ذلك الوقت من السنة. كما احتفل الشركس أيضاً بيوم الحزن الشركسي في نفس المنطقة في يوم 21 مايو/أيار مرات متعدّدة ، لذلك هناك احتمالات ضئيلة أن مسؤولي البلدة لم يكونوا يعرفون شيئا عن الحساسيات الشركسية (Ekho Kavkaza, February 12).

ليس من المستغرب، بأن يكون رد الفعل بين الشركس عنيفاً على نطاق واسعٍ جداً. وأدان العديد من مستخدمي الإنترنت هذه الخطوة واعتبروا بأنها تبعث على “السخرية،” وحتّى قرّر بعض النشطاء الشراكسة تقديم شكوى قانونية. على الرغم من أن إدارة البلدة عدلت في نهاية المطاف عن إعلانها، حيث أنّهُ لا يذكر الآن موعداً محدداً للاحتفالات في شهر مايو/أيار، إلا أن الضرر كان قد حصل، وكالعادة، لم تتبع ذلك الاعتذارات (Kavkazskaya Politika, February 13).

تجاهلت السلطات الروسية عمدا الإرث التاريخي لسوتشي عندما عقدت دورة ألعاب سوتشي الاولمبية الشتوية في فبراير/شباط 2014. والمسؤولين الروس، بما في ذلك نائب رئيس الوزراء دميتري كوزاك ، وعدوا بتمثيل الثقافة الشركسية في برنامج الألعاب الأولمبية، لكن موسكو بدلا من ذلك أظهرت في حفل الافتتاح المغامرين الأسطوريين وتغاضت عن السّكان الأصليين وهم الشركس الحقيقيّين أصحاب الأرض التي تم احتلالها.

وفي القرنين الثامن عشر والتاسع عشر، حاولت موسكو جاهدة الإستيلاء على كامل البحر الأسود وتحويله إلى بحيرة روسية داخلية. الشركس الذين سكنوا المناطق الساحلية االواسعة للبحر الأسود، هلكوا وتم  إقصائهم بعيدا عن الساحل. إن آثار الفظائع التاريخية واضحة تماما لهذا اليوم. يشكل الشركس أقلية صغيرة في منطقة كراسنودار، التي تطل على ساحل البحر الأسود، ويصبح السكان الشركس أكبر كلما ذهبوا بعيدا عن الساحل، حيث يصبح عددهم أكبر في قباردينو-بلكاريا، وهي منطقة مغلقة وغير ساحلية وتعد أكبر جمهورية يسكنها الشركس في شمال القوقاز.

في حين تواصل الحكومة الروسية تجاهل مصالح الشركس وتستثيرهم من غير داع، فإن بعض الناشطين الشركس يحذرون من أن هذا سيكون له عواقب سلبية. وعلى الرغم من أن الشركس يمكنهم بالكاد أن يتحملوا تحدي الحكومة الروسية الآن، إلا أنهم سيكونوا في وضع أفضل للقيام بذلك إذا وعندما تكون الحكومة المركزية في حالة تغير مستمر. وبالنظر إلى تاريخ زوال الاتحاد السوفياتي، يعتقد بعض المراقبين أن روسيا سوف تواجه دورة مماثلة من التفكك، مفسحة المجال للأقليات الحصول على المزيد من الفرص من أجل تقرير المصير وتحديد مستقبلهم.

المصدر: