اللغات غير الروسية هي الآن تحت التهديد أكثر ممّا كانت عليه في العهد السوفياتي


بول غوبل

ترجمة: عادل بشقوي

 يقول فلاديمير بوتين انه يشعر بالقلق حول "الدفاع وتنمية الثقافة اللغوية"، لكنه يحسّن السياسات التي تهدد مستقبل اللغات غير الروسية في البلاد أكثر مما كانت قد تضرّرت عبر روسنتها وسياسات التّرويس التي اتبعتها الحكومة السوفياتية.

وتقول المُعَلّقة من بوريات، سايانا مونغوش:
 ليس فقط لأنه وكذلك المسؤولين الروس الآخرين يشيرون الآن لهكذا لغات من خلال الإهانة والتحقير بمصطلح اللغات”الإقليمية”، لكنهم يسعون للحد من استخدامها في أي أسلوب ممكن في كل ميادين الحياة العامة. 
وتقول بآن اللغات غير الروسية، “لم تتعرض لمثل هذا القمع حتى في ظل السّلطات السوفياتية”.

قد يميل الكثيرون لرؤية هذا التحول المدعوم من موسكو إلى اللغة الروسية على أنّهُ طبيعي ومرحّب به على حد سواء لأنه سوف يعمل بطريقة أو بأخرى على "دمج" غير الروس في المجتمع الأوسع. ولكن ذلك الاستنتاج خاطئ: كما هو الحال في العديد من الامبراطوريات، حيث أن الأقليات سوف تتحرّك بعدها كمجموعات قوميّة، وكذلك بالتّأكيد لأنه قد تم استيعابهم لغويا ولكنهم ساخطون سياسيا.

لكن هناك نتيجة أكثر إلحاحاً، حيث أن مدينة خادكواشيفاوهي متخصّصة في اللغة الشركسيّة، “لغة الأديغهفي معهد قباردينو - بلكاريا للغويات، تطرقت لذلك في خطاب حديث. حيث أن ملاحظاتها تساعد على تفسير سبب تحرك بوتين الآن ضد اللغات غير الروسية بقسوة.

ووفقا للباحثة الشركسيّة، فإن زوال اللغات غير الروسية في الفيدراليّة الروسية سيؤدي لا محالة إلى تدمير الأساس الّذي تقوم عليه الجمهوريات غير الروسية، وبالتالي فتح الطريق إلى تدميرها أو الاندماج في مناطق روسية .

منذ العهد السوفياتي، ضعف الدعم الحكومي للتعليم والتدريب باللغات غير الروسية بشكل جدّي، وهناك العديد من المسؤولين يزدرون علنا مقترحات في عكس هذا الاتجاه، ويجادلون كما يفعل وزير التعليم الروسي بأن ذلك يشكل انتهاكا لحقوق الناطقين باللغة الروسية.

وتكمل بأن البعض في عواصم الجمهوريات يعتقدون أن الوضع ليس سيئا للغاية، لأن المرء يسمع الآن في كثير من الأحيان في شوارع هذه المدن، اللغات القوميّة أكثر ممّا كان يسمع قبل جيل واحد. ولكن لم يكن السبب في ذلك جيدا: فهو لا يعكس المزيد من التّمرّن على اللغة، بل يبيّن تدفق الناس من المناطق الريفية حيث يتم التحدث باللغة على نطاق أوسع.

وقالت خادكواشيفا: لكن يتم التحدث بها فقط ولا تدرّس أو تستخدم كلغة أدبية. و”من دون لغة أدبية، فإن أي لغة يحكم عليها بالإنحطاط”. وهكذا، فإنه ليس من الممكن الكلام “حول أداء واسع النطاق للغات القباردية والبلقر حتى في القرى”.

وقالت: وفقا لإحدى الدراسات الأخيرة، فإن “غالبية الشباب الذين هم من 17 - 30 عاماً من العمر لا يقرأون ولا يستمعون إلى الراديو في لغاتهم الأصلية، ولا يزورون المسارح الوطنية”. وبدلا من ذلك، فإن معظم الناس في هذه المجموعة العمرية بدورههم مالوا إلى أجهزة الكمبيوتر للحصول على المعلومات، ومعظم المعلومات على أجهزة الكمبيوتر التي لديهم هي باللغة الرّوسيّة.

في المدن، فإن الوضع أسوأ من ذلك: حيث أنه “لم يبقى هناك من يدعم اللغات الأم”، ليس بسبب عدم وجود “الوطنيّة”، ولكن “حصرا نتيجة للسياسة اللغوية، حيث أصبح الضحايا هم الجيل الحالي من سكان المدن” وهجرة الناس الخارجية إلى المدن الروسية.

حتى لو أن سياسات موسكو لم تكن تغير للأسوأ، يقول المتخصصين في اللغات في شمال القوقاز أن معظم اللغات غير الروسية هناك ستتلاشى في غضون 25 إلى 50 عاما. وقد روّع ذلك الكثير من الناس هناك، وقد قاموا بتنظيم اجتماعات وقدّموا الإلتماسات لموسكو من أجل تغيير الأمور. ولكن حتى الآن، تم تجاهلها ويزداد الوضع سوءا.

وتقول خادكواشيفا إن ما يحدث الآن، هو أحدث مثال على “السياسة اللغوية الإستعمارية السابقة التي بدأت منذ حوالي 250 عاماً” و “التي كانت دائما جزءا من المسار السياسي العام”.

وقالت الباحثة العامّة الشّركسيّة: “وعلى مدى آلاف السنين، فإن مئات الأجيال من أجدادنا ضحّوا بحياتهم من أجل الاستقلال الوطني، وهو الأساس للغتهم الأم” لأنهم يفهمون أن اللغة هي أكثر من مجرد التواصل اللفظي. واضاف “إنها طريقة فريدة في التفكير والإحساس”.

وقالت، إنّهُ أكثر من أي وقت مضى فإن الشمال قوقازيّين قد بدأوا بتقدير ذلك، والآن “يمكن القول بالفعل أن المشكلة ليست في الاعتراف بوجودها أو أنها ليست في الوضع القانوني ... بل في إرادة سياسية مجهولة واثقة تجاهلت معرفة اللغات الأم” وهي معنيّة حتى بإبادتها.

المصدر: