يجب على السلطات الروسية أن تشعر أنّها في موقف المشعوذ المبتدئ: لقد استخدمت قانون العملاء الأجانب لإغتصاب لجنة مناهضة التعذيب، فقط لتستيقظ في اليوم التالي وقد وجدت أن أربع مجموعات أخرى ىقد تشكّلت لمتابعة نفس الأهداف.
وتقدم إيلينا ميلاشينا (Elena Milashina) تقريراً عن ذلك ربما بشكل غير متوقع وبالتأكيد فإنّهُ بالنسبة للسلطات يعتبر تحوّلاً في الأحداث في مقال نشر في صحيفة “نوفايا غازيتا (Novaya gazeta)” هذا الأسبوع، ويشير إلى أنه إذا كانت القوى المهيمنة تعتقد أنّها ستكون ناجحة في منع هكذا جماعات، فإنّها تقلل من براعة الشعب الروسي (novayagazeta.ru/columns/69146.html).
في وقت سابق من هذا الأسبوع، قامت محكمة إقليم نيجني نوفغورود (Nizhny Novgorod)، بناء على طلب من المدّعي العام، إعتبار لجنة مناهضة التعذيب (Committee Against Torture) على قائمة سجل وزارة العدل الروسية (Russian Justice Ministry) للعملاء الأجانب. تبين أنّهُ خلال الخمس عشرة سنة على وجودها، تولّت الجماعة 1832 ادعاءا لانتهاكات حقوق الإنسان، وتوصّلت إلى 120 حالة تعذيب، وجلبت المسؤولين عنها إلى العدالة.
نجحت اللجنة في الحصول على 675 قرار من المحققين حيث وضعتها المحاكم جانباً، وساعدت 86 من أولئك الذين استنفدت طعونهم القانونية في روسيا إلى اللجوء إلى المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان (European Court for Human Rights) التي منحتهم أكثر من 41 مليون روبل (800،000 دولاراً آميركياً) على شكل تعويضات.
وقال ممثلو الإدعاء في المحكمة أن اللجنة تعمل في مجال إنتاج وتوزيع معلومات تبين فيها أن “التعذيب في المؤسسات الروسية هو ممارسة يومية”، وهو انعكاس “لعدم القدرة وعدم الرغبة من قبل أجهزة التحقيق الروسية أن تحقّق بشكل فعال في حالات التّعذيب”.
وعلاوة على ذلك، قال المدّعون العامّون، إن نشر هذه المعلومات تم “بتوجيهها لتشكيل رأي عام سلبي … من أجل أن للتأثير على القرارات التي تتخذها الأجهزة الحكومية، وبالتالي إلى تغيير سياسة الدولة في مجال تمييز التحقيقات الجنائيّة”.
وتقول ميلاشينا، إذا ما أخذ المرء هذه الكلمات على محمل الجد، فذلك يعني أن “التعذيب هو سياسة الدولة” واعتبار أن “لجنة مناهضة التعذيب {عميلاً أجنبياً} لأنها تحاول تغيير هذه السياسة”.
وفي المحكمة، اعترف أحد المدّعين العامّين أن أهداف لجنة مناهضة التعذيب “تتوافق مع سياسة الحكومة” فيما يتعلق بالتعذيب، ولكن على المجموعة “الجميع على حدٍ سواء” أن تصنف على أنها عميلاً أجنبياً “لأنها تتلقى منحاً أجنبية وهي معنيّة بتغير سياسة الدولة”، وذلك بيان غير متناسق داخليا ومنافق.
لم يتمكن المدّعين العامين في كلا محكمة البداية والإستئناف أن يبيّنوا أن اللجنة شاركت في أي نشاط سياسي. لكن في محاولة للقيام بذلك، فإنهم أشاروا إلى تصرفات الأفراد أعضاء اللجنة الذين احتجوا على ضم روسيا لشبه جزيرة القرم وهم الذين فعلوا ذلك كأفراد يُعترف بحقّهم القيام بذلك حسب الدّستور.
ومع ذلك وبطريقة متوقّعة تماماً، أعلنت محكمة الاستئناف أن اللجنة تُعْتبر عميلاً أجنبياً ويجب أن تّعرّف نفسها على هذا النحو اذا استمرت في العمل. وعلى الفور، قال إيغور كاليابين (Iggor Kalyapin)، وهو الذي أسس الجماعة، بأن اللجنة لن تُعرّف نفسها على أنها عميلاً أجنبياً، وبالتالي ستحل نفسها.
وقال ان “الدولة تتلاعب بنا بطريقة غير شريفة”. “لقد وضعت أمامنا خياراً غير شريف في انتهاك للقانون الفيدرالي، وفي التحليل النهائي السجن. لذلك، في الأسبوعين المقبلين، سنعقد الجمعية العمومية لجميع العاملين في المنظمة وسيتخذ القرار بتصفية لجنة مناهضة التعذيب”.
لكن مهما كانت السلطات تأمل، فذلك ليس نهاية القصة. “بدلا من لجنة مناهضة التعذيب”، كما يقول الصحفي من “نوفايا غازيتا”، “سيتم إنشاء على الأقل أربع منظمات سوف تستمر في المضي قدما في حمل راية حقوق الإنسان”. وتضيف بأن “نشاطها سيتم تحديده بدقّة”.
سوف تستمر واحدة منها للتحقيق في نظام العقوبات بالنسبة لحالات التعذيب. وآخرى ستقوم بتقديم المساعدة الطبية والنفسية لضحايا التعذيب. وثالثة ستقدم المساعدة القانونية لأولئك الذين يستأنفون لدى المحكمة الأوروبية (European Court). ورابعة، تم إنشاؤها بالفعل باسم رابطة مناهضة التعذيب (Association Against Torture)، ستنسق مع ما تم ذكره.
ويكمل الصّحفي، “إن سبب مثل هذه الأنشطة المدنية”، هو “سياسة الدولة”، وهي سياسة صاغها نائب مجلس الدوما (Duma) ميخائيل يميليانوف (Mikhail Yemelyanov) ردا على سؤال من لينتا.آر يو (Lenta.ru). وقد سئل، ألم يكن أكثر بساطة، فقط إغلاق كافة هذه المنظمات غير الحكومية التي تحصل على المنح الأجنبية؟ أجاب، نعم، “بالطبع”. أتركوا المواطنين الروس يناضلون من أجل حقوقهم”.
بول غوبل
ترجمة: عادل بشقوي