بقلم الدكتور نوح غش وترجمة السيد بسام لبسروق
يتم تداول الكثير من المواضيع المتعلقة باللغة الشركسية (الاديغية) وبالقراءة والكتابة بها في جمهورية الأديغي.
ويثير العاملون عليها الكثير من المسائل المتعلقة بتعلم اللغة الشركسية (الاديغية). من بينها عدم الاستفادة بشكل كاف من الامكانات المتاحة، عدم التحدث باللغة الشركسية في الأسر الشركسية، إنقاص عدد الساعات المخصصة لتعلم اللغة الشركسية كل عام، عدم تطور الدور الإجتماعي- السياسي المتوقع من اللغة الشركسية، عدم تعلم الأدب الأديغي باللغة الشركسية وإنما باللغة الروسية، عدم تطبيق اللوائح المتعلقة باللغة الشركسية في دستور جمهورية الأديغي، وكثير غيرها.
إن السبب في أن هذه الأمور التي ذكرناها تسبب القلق للناس هو من أجل عدم ضياع اللغة الشركسية، لكي يفهم الجميع أن ضياع اللغة يعني ضياع الأمة.
لقد خصص الله لغة خاصة لكل أمة. دعونا جميعا نعمل بجد من أجل هذه الهبة الغالية التي خصنا بها نحن الشركس (الأديغة)، هذه اللغة الجميلة، دعونا لا نضيع أمتنا التي ضحى من أجلها أجدانا بأرواحهم خلال عدة مئات من السنين بل لنطورها. إن الدولة ستكون إلى جانبنا في الحفاظ على اللغة الشركسية التي نحبها وفي سبيل تطويرها.
بما أن اللغة الشركسية قد اعتبرت لغة رسمية لجمهوريتنا الشركسية إلى جانب اللغة الروسية بقرار من الدولة، فإن هذه الدولة لن تدخر جهدا في سبيل الحفاظ عليها، بل ستسعى لتقديم الدعم.
لن تضيع اللغة الشركسية إذا تكاتف الموظفون الحكوميون والباحثون والمدرسون والأناس العاديون معا وعملنا بجد من أجل تطوير لغتنا الشركسية.
يجب الاستفادة من جميع الإمكانيات من أجل تعليم اللغة الشركسية وجعلها مرغوبة. يجب تشكيل هيكل (مكان عمل) من أجل إظهار معنى اللغة الشركسية الرسمية للدولة، ولتطويرها ومتابعة تقدمها وتراجعها، يجب أن لا يكون هذا مسؤولية وزارة التربية والتعليم وحدها، يجب تقوية الروابط بين المدارس والأسر.
سيكون من المفيد للطلاب المقيمين في المدينة أن ينظم الأمر بحيث يقضون العطلة الصيفية في القرى الشركسية لتعلم اللغة الشركسية.
إن جعل لغة الأمة لغة رسمية للدولة يحتاج لأمور كثيرة: يجب تنظيم اللغة الأدبية والتدرب عليها، إضافة الكثير من مصطلحات الدولة إليها، تحويل ذلك إلى كتب وإصدارها، اختيار الباحثين والموظفين الحكوميين الذين سيعملون عليها، ويجب تخصيص المبالغ المالية الللازمة لذلك في الميزانية.
لقد أصبح عدد الحصص الدراسية للغة الشركسية قليلاً جداً. وهذا يظهر أن جعل اللغة الشركسية لغة رسمية للدولة بحاجة لموارد مالية. في النهاية هناك من يقول أنه لا مانع في أن لا يجعل رئيسنا اللغة الشركسية لغة رسمية للدولة. إن الجمهورية الحديثة العهد بحاجة لدعم كبير. قلة الموارد تحشر اللغة الشركسية في ضيق شديد.
إن الأمة الشركسية بحاجة للغتها، وعاداتها، وتاريخها، وثقافتها، ولذلك من المهم أن نعمل من أجلها.
إن أكثر ما يبعث على الحزن أنه لا توجد مؤسسة لرعاية اللغة التي نسميها اللغة الرسمية للدولة.
لا تستطيع وزارة التربية التعامل مع هذه القضية وحدها. لم يعد يتوفر المشرفون على كل واحدة من هذه الأشياء. يجب أن تقوم لجان برلمان الأدغي والجمعيات بمتابعة هذه القضايا، ولكن ماذا يمكن لشخص أو شخصين لا تكون مهمتهما متعلقة بالموضوع أن يفعلوا. توجد لدينا هيئة مرتبطة برئيس الدولة بخصوص اللغة الشركسية، ولكن معظم أعضائها لا يعلمون عن مسائل اللغة الشركسية، وإن كان لا بد من القول فلا يوجد بينهم من يتحمل المسؤولية. تتطلب معالجة قضايا اللغة الرسمية للدولة أموالا كثيرة، ولكن ما نحاول أن نفعله هو أن تصبح لغتنا رسمية للدولة دون أن ننفق المال على ذلك. من أجل معالجة نواقص اللغة يجب إدراج مادة خاصة لها في الميزانية وتضمين المبالغ اللازمة فيها. لا يوجد لدينا الأن شيئ كهذا، وهذا هو السبب أن اعمالنا لا تتقدم.
إن أي لغة يعطى لها دور في الدولة، يجب أن يوضع لها برنامج كامل، متضمنا جميع أقسام المعرفة.
مهما كانت المسألة التي تتعامل معها، يجب أن تتضمن مقاربة مع الدولة، ولا يكفي أن تقول لقد فعلت ما علي دون متابعة. إن جعل لغة الأمة لغة للدولة ليس أمرا سهلا. إذا كنت تنظر للغة وانت تراقبها من الجانب فقط ستظن أن اللغة موجودة وجاهزة، وهي قادرة على تنفيذ المهام الموكلة إليها من تلقاء نفسها، وأنه يمكن تطويعها بسهولة، ولكن الأمر ليس كذلك. ستكتشف هذا بسهولة إذا حاولت أن تكتب وثائق رسمية باللغة الشركسية أو حين تبدأ بالكلام عن الأمور المتعلقة بالدولة. يجب أن توجد اللغة الرسمية للدولة، وإيجاد الكلمات المتوافقة والمتداخلة، يجب إضافة الكثير من مصطلحات الدولة التي لا توجد في لغة الأمة. ويجب نشر وأصدار ذلك. كما يجب الحصول على الأموال اللازمة لذلك بشكل رسمي. لقد أصبح طلاب المدارس لا يعرفون اللغة الشركسية لأنه قد خصصت ساعتان أوثلاثة فقط طوال الأسبوع لتعلمها. لقد أصدروا مجلة "الثريا" للأطفال وهذا أمر جيد، ولكن في محطات الراديو والتلفزيون يبدوا أنهم نسوا وجود الأطفال في العائلات الشركسية. إن برامج الأطفال قليلة جدا بل يمكن القول أنها غير موجودة.
حين ينتهي عمل الموظفين الحكوميين الموجودين الآن، ففي الغد، فإن الذين سيتولون هذه المناصب هم أطفالنا الذين يترعرون الأن. إن لم تأكل اليوم، فإنك تشبع حين تأكل غدا، ولكن الأمر ليس كذلك بالنسبة لتعلم اللغة. حين تفوت الفرصة لتعلم ما يجب أن تتعلمه اليوم، سيكون من الصعب تعلمه فيما بعد. إن رغبوا في تعلم اللغة الشركسية، فقد أصبح لدينا الآن الكثير من الأمور المساعدة، هناك من تستطيع ان تتكلم معه بالشركسية، والذين يمكن أن نعتمد عليهم موجودون حولنا، لدينا أناس ذوو مؤهلات عالية يمكن أن نستشيرهم – يجب أن نقدر كل ذلك وأن يكونوا مصدر تشجيع لنا.
ليس من المناسب القول أن كل من يعرف اللغة الشركسية يعرف قواعد اللغة. لا يستوعب الجميع أنه حين خلق الإنسان على الأرض، فإن لغته الأم التي منحت له من الممكن أن تطرأ عليها بعض التغيرات من لغات الأقوام الأخرين الذين يعيش بينهم، على سبيل المثال، الأديغة الذين يعيشون في تركيا دخلت إلى لغتهم كلمات تركية، والأديغة الذين يعيشون في روسيا يستخدمون في لغتهم الشركسية كلمات من اللغة الروسية. وهذا لا يعني أن اللغة الشركسية تضيع. إن هذا يعني أن الأديغة يستخدمون كلمات من لغة القوم الذين يعيشون ويعملون معهم. إن الأمر الرئيسي هو أن يتفق الأديغة الذين يعيشون في هذه الدولة الصغيرة. وإن كان الأديغة الذين يعيشون في البلدان الأخرى لا يفهمون معاني هذه الكلمات القليلة، فإن معاني هذه الكلمات يمكن أن يفهم من سياق الجمل، إنه من غير الصواب القول أنه "لا يجب أن تتضمن اللغة الشركسية كلمات غير أديغية". لأ توجد لغة لا تحتوي على كلمات دخيلة من لغة أخرى. إن مقولة " أوجدوا لغة أديغية لا تتضمن إلا كلمات أديغية وضعوها أمام كل الشعب الأديغي" لا تتوافق مع علوم اللغات. والسبب أنه لا يوجد شيء كهذا. إن أية كلمة تدخل إلى اللغة الشركسية تأخذ زيها اللغوي وتصبح كأنها منها.
إن من لا يستوعبون هذا او لا يعرفونه، يحدث أن يقاطعوك أو أن يطرحوا تعليقات عدوانية محاولين أن يقوموا بتعليمك. ويندرج في هذا الأعمال المتعلقة باللهجات المختلفة للقبائل )الشعوب( الشركسية.
إن سبب إشارتي لهذه الأمور هو أنها مرتبطة باللغة الكتابية و بلغة الدولة.
كما نعرف جميعا، فإن الأبزاخ، والبظردوغ، والبسلني، والقبرتاي، والجمكوي، والشابسوغ هم أديغة. هذا جيد. وإن قال أحد هؤلاء أنا أديغي، فلا غبار على ذلك، ولكن إن قال "انا لست أديغي" فإن هذا محزن، وغير لائق أيضا. ولكننا نسمع كثيرا: " ما هذا التفريق الذي يقوم به، لا يوجد أبزاخ، ولا بظدوغ، ولا بسلني، ولا قبرتاي، ولا غيرها. جميعنا شركس (أديغة)، ولاشيئ سوى ذلك"، ولا يقبلون حتى أن تأتي على ذكرهم، من يقول هذا ربما يكون راغبا في أي يكون الأمر كذلك ولكن، ما العمل، هذه الشعوب ( الإثنيات ) كانت موجودة لدى الأديغة، وهي موجودة الآن، وستظل موجودة عندهم لوقت طويل – هذا تم جعله هكذا من قبل الطبيعة.
يبدو أن الذين لا يريدون أن يكون الشعب الانساني الواحد مجزأَ إلى شعوب كل شعب حسب موقعه، لا يستوعبون أن هذه الشعوب المناطقية المختلفة هي جذر للشعب الرئيسي ( اللغة الشركسية ). يقال للشجرة بأكملها شجرة، ولكن يوجد لها جذر وقمة، وأغصان، وأوراق. وكذلك الشعوب.
إذا استبعدت الجذر، والينبوع الذان يعودان للأمة، ستذوي الأمة، وتتيبس، وبعدها ستندثر. من الخطأ والحرام أن نفعل ذلك، إنه يخالف ما نظمته الطبيعة. ولكن هذه القبائل المشتركة الأصل لمنطقة ما، يجب أن يتوافقوا في أخلاقهم، وعاداتهم، ولغتهم. إن اخلتفت عاداتهم واخلاقهم قليلاً، فإن ذلك لايظهر جليا، ولا يضر عملية التوافق، ولكن إن اختلفت اللغة قليلاً يمكن أن يضر ذلك عملية التوافق، وهي تضر فعلاً.
من أجل أن يتمكن أفراد أمة واحدة على الإتفاق يجب أن تكون لديهم تربية عامة حول لغة هذه الأمة ،ولكي تتمكن اللغة من التعامل مع المهام الحكومية، يجب إيجاد لغة للأمة يتم اختيارها من اللغات المناطقية والاتفاق عليها. يطلق على مثل هذه اللغة الرئيسية – اللغة الأدبية. بالنسبة للأديغة فإن حالنا اليوم هو أنه أصبح لدينا لغتين أدبيتين: اللغة الأدبية في جمهورية الاديغي واللغة الأدبية في جمهورية قبردين-بلقاريا وجمهورية قرشاي-شركيسيا . هاتين اللغتين الأدبيتين اللتين خطتا طريقهما، وقام الباحثون بتحديد معاييرهما وتم الإتفاق عليهما بين الناس هو ما يجعل قيمة لدراسة الطلاب، وما يجعلها محل تقدير كما يقول المثقفون، وهو ما يجعلها قدرة على ان تكون لغة الدولة.
وعند مقاربة الأمرمن هذه الناحية، فإننا بعيدون عن إمكانية أن نقول أن لغتنا الشركسية الأدبية اللغة الرسمية هي جيدة ونقية ويستخدمها الجميع.
من أجل أن تصبح لغتنا الشركسية لغة رسمية للدولة يجب أن نتمسك بلغتنا الأدبية. إن الموظفين الأديغة الذين يعتبرون أنفسهم (الإنتليجنسيا-النخبة المثقفة) يتوجب عليهم معرفة اللغة الأدبية. يجب على جمهورية الأديغي أن تؤمن بأي طريقة ممكنة ما يلزم من النقود لتنفيذ توصيات الباحثين لكي تصبح اللغة الشركسية لغة رسمية. يجب أن يكون واضحا للجميع أن ما يحقق بقاء الجمهورية الشركسية هو اللغة الشركسية.
لذلك وكما قام علماء فقه اللغة بنشر اللغة الشركسية، والمرويات الشركسية، والأدب الأديغي في العالم، دعونا جميعا نجمع معا أفكارنا، وإمكاناتنا، ونفوذنا لكي نحقق للغتنا الشركسية ما تستحقه من مكانة.
دعونا نرفع معنى اللغة الشركسية (الاديغية) الرسمية.
المصدر: