محاضرة للكاتب محمد ازوقة عن الشراكسة في الأردن


عمان - الدستور - عمر أبو الهيجاء نظمت رابطة الكتاب الأردنيين بالتعاون مركز تعلم واعلم، مساء أول أمس محاضرة بعنوان:»الشراكسة في الأردن:وفاء وانتماء»، ألقاها المترجم والباحث في الشأن الشركسي محمد أزوقة، وقدم المحاضر وأدار الحوار الدكتور أحمد ماضي وسط حضور من المثقفين والمهتمين. 

واستهل أزوقة محاضرته بالقول: هناك إجماع من جمهرة المؤرخين المهتمين بموضوع الأمة الشركسية، على أنها استوطنت شمال القفقاس، البلاد الواقعة الى الشمال الشرقي من البحر الأسود منذ فجر التاريخ، وأن تواجدها في تلك المنطقة لم ينقطع، مشيرا إلى بلاد القفقاس تعرضت لغزوات عديدة عبر التاريخ، بدءاً بالفراعنة ثم الفرس والإغريق والرومان وقبائل الايكنغ والتتار والعرب والأتراك، وصولاً الى حرب المئة عام وعام مع روسيا القيصرية أي من سنة 1763 وحتى 1864، تلك الحرب التي أدت الى إبادة نصف الأمة الشركسية وتهجير معظم الناجين قسراً الى السلطنة العثمانية، وكما تؤكد مصادر الأرشيف العسكري الروسي القيصري أن ثمن تلك الحرب كان مليوناً ونصف المليون من الجنود الروس. 

وبيّن أزوقة، بأن السلطنة العثمانية بعد ذلك بدأت بسَوق المهجَّرين الشراكسة إلى دول البلقان عام 1864، حيث تم تجنيد القادرين منهم على القتال في الجيوش العثمانية، وعندما هزمت السلطنة في معركة پلينا عام 1878، خرج معظم الباقين على الحياة من الشراكسة، وجلُّهم من قبيلة الشابسوغ، مع فلول الجيش العثماني المنسحب، تم توطين معظم هؤلاء في تركيا وسيق الباقي إلى سورية وفلسطين وشرقي الأردن، حيث استقر هؤلاء في منطقة المدرج الروماني «بقرية»،عمان، مشيرا إلى أن التجمعات الشركسية مرت بثلاث مراحل بالنسبة للغة، كان أولها أحادية اللغة الشركسية منذ تهجيرهم وحتى منتصف عشرينيات القرن الماضي، ثم جاءت مرحلة ثنائية اللغة أي الشركسية والعربية حتى منتصف خمسينيات القرن الماضي، وذلك مع تزايد اختلاطهم بأخوتهم العرب وانخراطهم في الوظائف والمتاجرة، ثم جاءت المرحلة الثالثة وهي أحادية اللغة العربية، بسبب عدم معرفة الجيل الجديد باللغة الشركسية ، وتوسع المجتمعات الأردنية نتيجة الهجرات المتعاقبة، ومن ثم انخرط الشراكسة في العمل العام بهمة ونشاط، فمثلاً، كان أول رئيس لبلدية عمان سنة 1909 هو المرحوم اسماعيل بابوق، تبعه خمسة رؤساء آخرون حتى العام 1942. 

وأضاف أزوقة قائلا: في عام 1920 أصدر الملك فيصل بن الحسين عفواً عاماً عن الضباط الشراكسة الذين خدموا في الجيش العثماني، وطلب من ميرزا باشا إعادة تشكيل قوة الفرسان المتطوعين، وعام 1921 تم تشكيل نواة الجيش العربي باسم «القوة السيارة»، . بلغ عدد أفرادها 850 شخصاً، خدم فيها العديد من الشراكسة، وفي عام 1923 أطلق «الأمير»، عبدالله بن الحسين على تلك القوة اسم «الجيش العربي»، وحمل الشركسي «شرف الدين يحيى رستم»، الرقم واحد، كما أسس المرحوم عمر حكمت أول مديرية شرطة في عمان سنة 1923، وكما تولى الشراكسة كافة المناصب العليا في الجيش والأمن العام والمخابرات العامة وجميع الأجهزة الأخرى على فترات. 

واختتم محاضرته بالقول: لم يتصرف الشراكسة في الأردن، ومنذ أن اتقنوا اللغة العربية، كأقلية أو جالية، ولاقوا من أخوتهم العرب الترحيب والود، وكذلك وجدوا من الأسرة الهاشمية كل دعم وتشجيع، الأمر الذي شجعهم على اقتحام كل مناحي الحياة في الأردن، وتشكلت روابط واتحادات ومجموعات تعمل على فكرة إحياء مفهوم القضية الشركسية، ونشر محدثكم كتابه «القضية الشركسية» عام 2010 وهو مع شديد الأسف ، الوثيقة السياسية الأولى حول الموضوع، مشيرا إلى أن أسماء عديدة برزت في مجال الكتابة والأدب والفن، سواء في نشر الدوريات على مدى قرابة نصف قرن، أو كتابة الروايات والدراسات والأبحاث، ولم ينس الشراكسة بلادهم الأصلية ولو للحظة، وكما قال المؤلف الشركسي غازي شمسو، فالشركسي يحمل القفقاس في قلبه أينما ارتحل.