تقارب الجمعية الشركسية العالمية مع موسكو يعطي نتائج عكسية

رئيس الجمعية الشركسية العالمية خوتي سوخروقوف

بقلم: فاليري دزوتسيف 

ترجمة: عادل بشقوي

في 22 يونيو/حزيران، أعلن آدم بوغوص، نائب رئيس الجمعية الشركسية العالمية (ICA)، أنه يعلق عضويته في المنظمة حتى انتخابات الرّئاسة المقبلة. كما رفض بوغوص أيضاً، الّذي هو من جمهوريّة أديغييا، المشاركة في مؤتمر الجمعية الشركسية العالمية الذي عقد في 12 يونيو/حزيران. ووفقاً لبوغوص، فإن العضو في الجمعية الشركسية العالمية من أديغييا، هاكوز آدم (Khakuz Adam) علّق عضويّتهُ في المنظّمة أيضاً. ونوّهَ الزعيمان الشركسيان إلى أن خلافاتهما مع سياسات رئيس المنظّمة، هاوتي سوخروكوف (Khauti Sokhrokov)، كانت سبباً لمسعاهما (Facebook.com, June 22). وبوغوص أيضا هو رئيس المنظمة الشركسية في جمهوريّة أديغييا، أديغه خاسه (Adyge Khase)، وكان صريحا للغاية حول القضايا الشركسية في الوقت الّذي سبق عقد دورة الألعاب الأولمبية الشتوية في سوتشي.

إن أنشطة الجمعية الشركسية العالمية، وخصوصا رئيسها سوخروكوف، شابتها الفضائح، وذلك باتهام الناشطين الشركس للجمعية القبول بما تفعل وخيانة المصالح الشركسية. يعود إنشاء الجمعية الشركسية العالمية إلى عام 1990، عندما بدأ النشطاء الشراكسة في هولندا عملية جمع القوى الشركسية. عُقِد المؤتمر التأسيسي للجمعية الشركسية العالمية في نالتشيك، عاصمة قباردينو-بلكاريا، في شهر مايو/أيار من عام 1991. ويعتقد على نطاق واسع أنها كانت من صنع أجهزة الأمن الروسية. والجمعية الشركسية العالمية تصر على أنها شرعيّة وهي “المنظمة الدولية الوحيدة التي تعبر عن المصالح الوطنية والثقافية للشركس في روسيا والخارج” (Intercircass.org, accessed July 8).

وفي الفترة التي سبقت دورة الألعاب الأولمبية في سوتشي في عام 2014، أصبحت السلطات الروسية قلقة بشكل متزايد بشأن المنظمات الشركسية، والجمعية الشركسية العالمية توقفت تقريبا عن تمثل مصالح الشركس. في المؤتمر الانتخابي للمنظمة في عام 2012، تدخّل رئيس قباردينو-بلكاريا أرسين كانوكوف وبشكل غير متوقع لصالح هاوتي سوخروكوف، الذي كان منذ فترة طويلة موظفاً حكومياً في قباردينو-بلكاريا. ووفقا لكانوكوف، فإن ترشيح سوخروكوف كان “مقبولاً تماماً لإدارة رئيس الفيدراليّة الروسية [فلاديمير بوتين]؛ ومبعوث موسكو لمنطقة شمال القوقاز الفيدرالية، ألكسندر خلوبونين (Aleksandr Khloponin)؛ ورئيس كراشيفو-شركيسيا، رشيد تمريزوف (Rashid Temrezov)؛ ورئيس أديغييا، أصلان تحاكوشينوف (Aslan Tkhakushinov).
(Aheku.net, October 21, 2012)

لم يفسر كانوكوف لماذا يجب أن تحصل منظمة غير حكومية على مباركة الادارة الرئاسية الروسية. وكانت الغالبية العظمى من النشطاء الشراكسة تدعم فياتشيسلاف ديريف (Vyacheslav Derev) من كراشيفو-شركيسيا. ديريف هو عضو في المجلس الفيدرالي الروسي وهو مجلس الشيوخ في البرلمان الروسي، وينحدر من أسرة شركسية معروفة في كراشيفو-شركيسيا. وكان العديد من المشاركين في المؤتمر قد أصيبوا بخيبة أمل من التعيين الذي حصل، في حين أن البعض اقترح تأسيس منظمة بديلة (Kavkazskaya Politika, October 29, 2012).

أصبحت القضية الشركسية معروفة على نطاق واسع في التحضير لدورة الألعاب الأولمبية في سوتشي، المدينة المطلة على البحر الأسود والتي كانت جزءا من الوطن الشركسي. بعد تقدّم الإمبراطورية الروسية في عمق الأراضي الشركسية في القرن التاسع عشر، كان قد تم ترحيل الشركس قسراً بشكل جماعي إلى الإمبراطورية العثمانية تحت تهديد السلاح أو القتل. وتمت إزاحة ما يقدر بنحو 90 في المئة من السكان الشركس في المنطقة من وطنهم التاريخي. وفي الوقت الحاضر، أكبر عدد من السكان الشركس ليسوا مقيمين في شمال القوقاز، ولكن في تركيا، حيث رحّل الروس الجزء الأكبر من السكان من شركيسيا. شن الشراكسة في جميع أنحاء العالم حملة لحمل روسيا على الإعتراف رسميا بمعاملتها للشراكسة على أنها إبادة جماعيّة. قدّمت دورة الألعاب الأولمبية في عام 2014 في سوتشي إطارا مناسبا لمثل هذه الحملة، بسبب تنظيم دورة الالعاب الاولمبية على الأراضي الشركسية التاريخية. ومع ذلك، فإن بعض المنظمات الشركسية، بما في ذلك الجمعية الشركسية العالمية، عملت على ما يبدو على تهدئة الشركس بدلاً من المطالبة بتنازلات من الحكومة الرّوسيّة.

في ديسمبر/كانون الأوّل 2013، كان رئيس الجمعية الشركسية العالمية سوخروكوف بصدد السفر إلى لندن لمواجهة أنشطة غالبية الناشطين الشركس الذين كانوا يدْعون إلى مقاطعة أولمبياد سوتشي. وفي نهاية المطاف لم يحصل سوخروكوف على تأشيرة دخول إلى المملكة المتحدة، لكن عزمه على مساعدة الحكومة الروسية لإخماد نار الموضوع الشركسي كان في تناقض ملحوظ مع غالبية النشطاء الشراكسة، الذين سعوا لجعل محنتهم معروفة لعامة الناس (Aheku.net, December 11, 2013).

المنظمات الشركسية خارج روسيا، التي لا تشجع أنشطة الجمعية الشركسية العالمية، أصبحت الموجّه الرئيسي للتغيير في المنظمة. وهدّدت منظمات شركسية تركية مثل كافد (KAFFED) بترك الجمعية الشركسية العالمية. وروى بوغوص لموقع كفكازكي أوزيل (Kavkazsky Uzel)، “إن أكبر شتات شركسي موجود في تركيا؛ ويتألف من 5 – 6 مليون شركسي”. “لا يمكننا أن ننقسم، لأن وجود الجمعية الشركسية العالمية غير ممكن بدون الشتات التركي”. وقال بوغوص انه يفضل وجود علاقة “بنّاءة” مع السلطات الروسية بدلاً من الخصومة. ووفقا للناشط الأديغي، يمكن للشركس أن يحققوا تقدماً في القضايا الملحّة فقط بالتعاون مع السلطات الروسية، وليس من خلال تحديهم إياها. ومع ذلك، فقد أصيبت حتّى القوى الموالية لروسيا بخيبة أمل من الجمعية الشركسية العالمية. عسكر سوخت (Asker Sokht)، من منطقة كراسنودار (Krasnodar)، تحدّث لصالح الجمعية الشركسية العالمية طالباً السماح للمنظمات الشركسية التي لها وجهات نظر متباينة المشاركة في الحوار ضمن إطار الجمعية الشركسية العالمية، لكن الجمعية تجاهلت مثل هذه الدعوات. في النهاية، انسحبت منظّمة سوخت من الجمعية الشركسية العالمية. ومن المقرر  عقد المؤتمر الانتخابي المقبل للجمعية الشركسية العالمية في شهر سبتمبر/أيلول 2015، في حين أن المنظمات الشركسية تعبّر عن الشكوك حول مستقبلها. والجمعية الشركسية العالمية هي جمعية المنظمات بدلا من منظمة واحدة، لكنها تجاهلت مرارا رغبات المنظمات المكوِّنة لها. حتى الموالين لروسيا بين الشركس يقولون انهم لا يريدون البقاء في المنظمة، بل ويقولون إنها تشبه على نحوٍ متزايد “نادٍ للمؤامرات” (Kavkazsky Uzel, July 2).

ومع بقاء القضية الشركسية على جدول الأعمال السياسي للشركس أنفسهم وللحكومة الروسية، فإن الصراع على وضع جدول أعمال لمستقبل الجمعية الشركسية العالمية سيزداد شدّة فقط وذلك لأن السيطرة على المنظمة هو إحدى وسائل الوصول والسيطرة على الشّتات الشركسي القوي.