بول غوبل
ترجمة: عادل بشقوي
15 ديسمبر/كانون الأول، 2016
ستاونتون، 14 ديسمبر/كانون الأول — يشير تقريرين جديدين أن اللغة الشركسية هي الآن عرضة لخطر الانقراض في العقود المقبلة والأمة الواقعة في شمال القوقاز لهؤلاء الذين يتحدثون بها قد دخلوا في فترة تراجع ديموغرافي ويمكن أن يضمحلون في المستقبل أيضا، مما دفع بأنصارهم للنظر في حمايتهم مجدداً.
وقد حددت اليونسكو اللغة الشركسية واحدة من اللغات في شمال القوقاز التي تشرف على خطر “التلاشي تماماً في العقود القليلة المقبلة” نظرا للعدد القليل بالفعل من الأشخاص الذين يتحدثون بها في تلك المنطقة، وانقسام المجتمع، وغياب استخدام اللغة الشركسية في المدارس والأماكن العامة الأخرى (caucasustimes.com).
ودعا نشطاء في جمهورية أديغيا قادة الجمهورية لإصدار قانون خاص للحفاظ على اللغة الشركسية. ومن شأن هذا القانون أن يعكس الإجراءات التي جرت في عام 2007 التي أنهت الدراسة الإلزامية للغة في مدارس الجمهورية. أن ذلك الإجراء في حد ذاته لا يساعد بالضرورة العدد الأكبر بكثير من الشركس الذين يعيشون في تركيا والشرق الأوسط.
الشركس في تركيا ينتقلون للعيش في المدن وكذلك الإستيعاب (الإنصهار في المجتمع الذي يعيشون فيه)؛ وهؤلاء الموجودين في الشرق الأوسط ما عدا إسرائيل يفعلون الشيء نفسه. ونتيجة لذلك، فإنهم يكفون عن التحدث بلغتهم الأم على نحوٍ سريع، وبالتالي قد تتوقف اللغة عن الاقتران بالأمة التي تحدثت بها لعدة قرون. مضيفين إلى مشاكل اللغة الصراع على الأحرف الأبجدية.
الأكثرية في تركيا تفضّل الحروف اللاتينية في حين أن مسؤولين في شمال القوقاز يفضّلون الأحرف السيريلية. إن السيريلية الروسية غير ملائمة لنظام الصوت في اللغة الشركسية، لكن معظم الكتب المدرسية المتوفرة الآن هي في الأحرف السيريلية؛ والحكومة التركية لم تفعل سوى القليل جدا لتطوير المواد التعليمية باللغة الشركسية في نسخة الأحرف اللاتينية.
ويقول أحد الخبراء الجورجيين في اللغة الشركسية أن هناك طريقة للخروج من هذا الوضع الصعب الذي تجد اللغة الشركسية نفسها فيه الآن: العودة إلى وطن موحد في شمال القوقاز، وهو ما تعارضه موسكو، وتكثيف دراسة اللغة الشركسية من قبل الجميع، “على غرار الشتات الإسرائيلي”.
ويشير تقرير ثان أن الشركس، “الذين كانوا في الماضي أحد أكبر شعوب شمال القوقاز” لم يعد لديهم هذا الوضع الآن ولكن بدلا من ذلك هم منقسمين داخلياً ويشكلون عدد صغير من السكان في الوطن وشتات أكبر من ذلك بكثير في الخارج (onkavkaz.com).
ووفقا لأنزور داور، وهو ناشط شركسي، “إن الشركس في الوقت الحاضر في أزمة ديموغرافية عميقة مرتبطة بانخفاض حاد في معدلات الخصوبة وبالتالي تخفيض حصة الشركس نسبة لعموم السكان في شمال القوقاز”.
في عام 1986، كان هناك أكثر من 17 حالة ولادة لكل 1000 شركسي وأقل من 11 حالة وفاة. وبحلول عام 2000، ارتفع عدد الوفيات لكل 1000 إلى أكثر من 15 في حين أن عدد المواليد قد انخفض إلى تسعة. ويقول أن في السنوات التي تلت ذلك، لم يتغير الوضع جذريا للأفضل.
تحدث داور مع اثنين من الناشطين حول الأزمة الحالية. وقال آدم بوغوص من جمعية أديغه خاسه في أديغييا أن عدد الوفيات في جمهوريته، بين الشركس الآن يتجاوز عدد الولادات بما قدره 700 – 900 في كل عام وأن معظم عمليات الزواج تنهار قبل إنتاج مستوى بديل من الأطفال.
وقال ان الوضع الشركسي هو أسوأ بكثير من وضع شعوب شمال القوقاز الأخرى. فمن ناحية، هم منقسمون وأقل من النصف يأمل في مستقبل واعد؛ ومن ناحية أخرى، لديهم طموحات أكبر لأبنائهم وهم أقل تأثرا بالإسلام وبالتالي يختارون على نحو متزايد إلى إنجاب عدد أقل من الأطفال.
وقال عسكر سوخت أن الأزمة الديموغرافية قد أصابت الشركس بشكل أصعب في شمال القوقاز الروسي، وأقل في تركيا، وبالكاد على الإطلاق في الأردن وسوريا حيث لدى العائلات الشركسية ثلاثة أو أربعة أطفال. وقال انه كان يشعر بالقلق خصوصا بسبب ارتفاع معدلات الوفيات بين الشركس في شمال القوقاز، ونتيجة لإدمان الكحول بين كبار السن.
الكثيرين كانوا يتوقعون أن تعافي الإسلام بعد الحقبة السوفيتية كان من شأنه أن يساهم في زيادة معدل المواليد بين الشركس، وواصل؛ لكن الشباب الشركس كانوا أقل تأثرا بكثير من التعاليم الإسلامية من نظرائهم في الجماعات غير الروسية الأخرى في شمال القوقاز.
وعلى أمل العمل لعكس هذه الاحتمالات، ضغط الشركس من أجل توحيد أراضيهم في جمهورية واحدة والسماح لمواطنيهم في العودة إلى وطنهم. وتعارض موسكو الاقتراحين على حد سواء كما عملت من قبل بشأن توسيع نطاق التعليم باللغة الشركسية في أديغيا وغيرها من الجمهوريات الشركسية.
لكن ذلك لم يمنع نشطاء الشركس من البحث عن وسائل الخلاص، وظهر تطورين مثيرين للاهتمام هذا الاسبوع. أولا وقبل كل شيء، أصبحت لغة أديغه الآن إحدى اللغات المشاركة في برنامج تعلم اللغة / الكتاب الثاني “Book2” (natpressru.info/index.php?newsid=8349).
يسمح هذا البرنامج للشركس ولغيرهم كذلك، بدراسة اللغة الشركسية في أي من اللغات الأخرى ال 49 المشاركة في هذا البرنامج، بما في ذلك الانكليزية والتركية والعربية والروسية. (يقدم موقع ناتبرس روابط لهذه البرامج بالنسبة لأولئك الذين يرغبون في البدء.) وقد تم تطوير هذا البرنامج الشركسي في شمال القوقاز وهو موجه الى سكان الشتات.
وتطور ثانٍ قد يثبت حتّى أنّهُ أكثر أهميّة. في نهاية الشهر الماضي، انضم شراكسة العراق مع الشيشان والداغستان لتشكيل منظمة مشتركة، هي القوقاز، للضغط على السلطات لمعالجة همومهم كما فعل المسيحيون في وقت سابق (al-monitor.com).
ودعت المجموعة بالفعل لإصدار قانون خاص يتعلق بوضعهم. وما يجعل هذه القضية مثيرة للاهتمام هو أن الشركس في العراق الذين هم أقل عددا من كل من الداغستان والشيشان — يبلغ إجمالي تعداد المجموعات الثلاث جميعهم حوالي 15،000 — يسعون إلى استخدام عدد غيرهم الأكبر للاستفادة من وضعهم مع الدولة.