يوم الجبنة الشركسية في جمهورية الاديغي 2016


في يوم السبت الموافق للسابع والعشرين من شهر آب الماضي جرى احتفال في الأديغي ، وكانت المضيفة هي الجبنة الشركسية الشهية . » مهرجان لاغوَ ناقة : عيد الجبنة الشركسية «. هذا هو الإسم الذي أطلق على مهرجان الجبنة الشركسية. يقام هذا العيد في الأديغي وللمرة السابعة ، وجرى فيه نشاط سياحي عجيب ــ وللمرة الثانية ــ حيث جذب إليه أكثر من ألف وخمس مئة شخص .


قامت بتنظميه ، واقامته ، والأشراف على مجرياته وزارة الزراعة بجمهورية الأديغي ، ولجنة الشؤون ، والمرافق السياحية في الجمهورية ، والمنظمة الإجتماعية ، والمعروفة باسم أديغيا السياحية . وكان السهل الممتد عند مفارق الطرق المؤدية إلى جبل غوزربل ،  وقرية داخوَ ، وجبل لاغو ناقه منتدى الناس طوال ذلك اليوم . كان المشاركون في فعاليات هذا العيد قد أحضروا كل ما يحتاجون إليه من أجل اعداد الجبنة الشركسية ، وكان الكبار في السن الذين جاؤوا ليشهدوا هذا اليوم ، ويتمتعوا بحسن الطبيعة مفتونون بما تراه أعينهم حيث السهل الفسيح ، والممتد ، ووراءه المرتفعات الجبلية الخضراء من مثل لآزش تاو ، ولِوْنَكوج  التي تقف أمامك بكل بهاء ، وكبرياء تسحرك ، وتأخذ لبك بجمالها الأخاذ ، وهدوئها  ، واخضرارها …..إلا أن هذا اليوم لم يكن ليسمح لك أن تجلس في أحضان الطبيعة لتفكر فيها بروية ، وتتملى بحسنها ، وجمالها ، وتحلق في أجوائها لا بل كان يوما يضج بالحركة ، والصخب ، والنشاط ، وكان يملأ المكان ممثلو ، وموفدو مناطق ، ومدن الجمهورية الذين كانوا يحملون مأكولاتهم  ، وأطعمتهم ، وما يحتاجون إليه من أجل إعدادها ، وتحضيرها .  ودون أن تذهب بعيدا كان بإمكانك أن تتعلم كيف تصنع الجبنة ، والحالوج الشركسية ، فقد كانت النساء الشركسيات الماهرات في صنعها يقومون بتحضيرها ، ويتنافسن في جودتها ، ويقدمنها للضيوف ، والناس ، ليقوموا باختبارها  ويقولوا  رأيهم فيها  . كنت ترى الجبنة الشركسية بأنواعها المختلفة المدخنة ، والطازجة أوالنيئة  ، والحالوج المحشو بالجبن الشركسي .


هي من نتاج القرون

الجبنة الشركسية هي من بين الأطعمة الشركسية الرئيسة ، وكان يقال لها مته قواي لأنهم كانوا يقومون بتصفيتها في سلال من القصب ، ثم حملت اسم الوطن الذي تصنع فيه ، فعرفت بالأديغة قواي أي ( بالجبنة الشركسية )  ، وهي وإن كانت تصنع في الماضي من حليب الماعز ، والأغنام إلا أنها تحضر اليوم بحليب الأبقار ، وهي من الأطعمة الأساسية ، والمفضلة ، والمفيدة عند الشراكسة ، وتحتوي على فيتامين أ بنسبة 24 % ، وب2  بنسبة ( 7, 16 %) ، و ب3 بنسبة ( 24 % ) ، وب6  ( 10 % ) ، و ب9 ( 8, 9 % ) ، وب12 ( 20 % ) وفيتامين هاء (4, 8 % ) ، وفيتامين بب ( 5, 28 % ) ، وكالسيوم ( 52 % ) والمنغنيزيوم بنسبة 3, 6% ، والفوسفور  بنسبة ( 45% ) ، والزنك ( 2, 29 % ) ، والنحاس ( 6% ) ، والصوديوم بنسبة ( 2 ، 36 % ) . تصنع الجبنة الشركسية من الحليب الصافي ، ومن ماء الجبنة دون إضافة أية مواد كيميائية إليها . 


كانوا  يقومون بتصفيتها في السلال ، والأواني المصنوعة من عيدان الصفصاف ، أما الآن ، وفي الأغلب يتم تصفيتها في سلال النحل إلا أنه وفي هذا اليوم كانت توضع في سلال ، وأوان مصنوعة  من عيدان الأغصان . تصنع من الجبنة العديد من الأطعمة الشركسية المختلفة ، ومختلف أنواع الحالوج ، والمعجنات ، وتوضع في ( الخانتخوبس) وهو نوع من الحساء الشركسي ، كما تضاف إلى أنواع السلطة ، وتأكل طازجة أيضا مع أنواع الخضار، والفاكهة . منذ  سنة ( 1980 ) أخذت الجبنة الشركسية تنتج في الأديغي وبشكل رسمي ، وقد عرضت في الألعاب الأوليمبية التي أقيمت في تلك السنة ، وهي مغلفة بورق تم استيراده من فلندا . بدأت تصنع الجبنة الشركسية في روسيا ، وبيلاروسيا ، وأوكرانيا إلا أن من  يحق أن يسجل عليها اسم الجبنة الشركسية هي جمهورية الأديغي وحدها . في الحادي عشر من شهر أيلول سنة ( 2009 ) أخذ يسجل عليها مكان تصنيعها ، واسمها ، ويوجد في الأديغي ثماني شركات ، ومؤسسات كبيرة ، وصغيرة لإنتاج ، وتصنيع الألبان ، وهناك نحو عشرين مركزا أهليا ، أو شركة خاصة لأنتاج الجبنة ،  والألبان أيضا في الجمهورية ، وتنتج الأديغي سنويا من الجبنة أكثر من ستة أطنان ، ونصفها من أنواع الجبنة الشركسية  . يجمع يوم الجبنة الشركسية جميع الشركات ، والمؤسسات التي تقوم بانتاجها الجبنة ، ومشتقاتها ، وكل مندوبيها ، ويقومون بعرض نماذج من منتجاتهم  .


ليس صعبا أن تنعم بالخير إن كان بين يديك

نعيش اليوم عصرا قل فيه عدد المزارعين ، والفلاحين ، وصار الناس ينتقلون إلى المدينة بحثا عن العمل ، وأخذوا يمارسون أعمالا تتعلق بالخدمات المنزلية ، وأصبح معدو ، ومنتجو الأطعمة الشركسية يستخدمون الجبنة في تحضير مأكولاتهم  . المرأة الشركسية ملائكت تحاغبسَو  جاءت من مدينة أديغة قالة ، وتقوم بصنع الجبنة الشركسية منذ أربعين عاما ، وهي وكما روت لنا يوجد عندها خمس بقرات ، وتقوم هي ، وزوجها بتربية خمسين ثورا ، وقد قامت بتربية أربعة فتيات ، وهن ومنذ صغرهن يقمن بحلب الأبقار ، وصنع الأجبان ، وهن قد تزوجن ، ويقمن بواجباتهم المنزلية الآن ، وقد شاركت هذه الفتيات مع والدتهن في يوم الجبنة الشركسية ، وهم كل من ميره ، وريمه . وتضيف السيدة ملائكت قائلة : تستطيع الأسرة أن تعيش اليوم بصورة جيدة  ،  وهي  تربي الأبقار ، وتقوم بواجباتها المنزلية.


بالعمل الجاد ، والدؤوب يمكن أن تعيش ، وتغنى الأسرة  ، وإن سعى الإنسان  فسوف يكون الله في عونه ، وأنا أعيش من كد يدي ، وعلى هذه الشاكلة ومنذ مدة طويلة ، وكانت طاولتها عامرة بعدد من المأكولات الشركسية اللذيذة   .


المكان الذي لا يخيب فيه المرء

كانت مهمة جميع المشاركين في فعاليات هذا اليوم أن يبينوا ،  ويذكروا أطيب ، وألذ من قام بصنع الجبنة الشركسية ، والحالوج الحشو بالجبنة الشركسية ، ومن أجل ذلك وزعوا على جميع الضيوف ، والزوار أوراقا كتب عليها كلمة سَسْماق ليسجلوا فيها أسماء المجيدين ، والمهرة ، ويضعوا الورقة في صندوق من يرون أن جبنتها ، وفطيرتها هي الأفضل ، ويصوتوا لها بعد أن يمروا على جميع المنتجين ، والمشاركين في المسابقة . فاز بالمركز الأول من جاؤوا من منطقة التختمقواي في جودة الجبنة ، وفي الحالوج ، وجاء بالمركز الثاني من جاؤوا من منطقة الشوجن ، وفي الحالوج أخذت مدينة أديغة قالة المركز الثاني ، وفي انتاج الجبنة أخذوا المركزالثالث ، واحتلت حالوج منطقة جاجه المرتبة الثالثة ، وقد وزعت وزارة الثقافة على الفائزين شهادات الدبلوم الفخرية ، ومكافآت ، وجوائز مختلفة .


لايكون العيد عيدا دون عرس شركسي

معرض المأكولات ، والمنتجات الغذائية  ، واليدوية الذي أقيم في هذا اليوم ازداد  حسنا ، وجمالا ، وبهاء بالفرق الفنية الموسيقية ، والغنائية ، والراقصة التي جاءت من مدن ، ومناطق جمهورية الأديغي والتي أدخلت الفرحة ، والسعادة إلى قلوب الناس حيث غنوا ، ورقصوا ، وقد قام بالإشراف على برنامج الحفل الفني كل من السيد أنزور قبحه ، والسيدة زاريمة جمه ممثلو المسرح القومي الشركسي الذين أحسنوا  في إدارة الحفل وبشكل رائع ، وقد نظمت مسابقات فنية للمشاركين في الرقص الشركسي ، و قاموا بإدارة المسابقات  في جو مليء بالمرح ، والفرح ، والسرور ، وشارك وبكل جد ، واهتمام فيها عدد من أبناء ، وفتيات الشعوب الأخرى وخاصة في مسابقة الرقص الشركسي . تقول السيد مارييت شومزة التي جاءت من منطقة التختمقواي : إنني أجل وبصورة كبيرة الأعياد ، والمناسبات القومية ، إن حياتنا في جو آمن ، وفي منطقة أخاذة ، وساحرة كهذه ، وممارستنا لعاداتنا ، وتقاليدنا الجميلة ، وتعريفنا ، ونشرنا لثقافتنا لا يمكن أبدا أن يقدر بثمن . لقد تمتعت اليوم بجمال الطبيعة ، وامتلأ قلبي بالبشر ، والسعادة ، ونحن بحاجة في الحقيقة إلى أيام ، ومناسبات كهذه ، وكلما أقيمت مثل هذه الأعياد سأشارك فيها ، وسأسأل عن مواعيد ، وأترقب قدومها . لقد تبدل الطقس مرارا في ذلك اليوم ، كانت الشمس تلسعنا أحيانا ، وكان المطر الخفيف يلطف الجو ، ويزيده بهجة ، وحسنا إلا أن الناس كانوا يعيشون في فرحة عارمة ، ومشدودون لما يرون ، ويسمعون من أغنيات ، ورقصات ، ومسابقات . سيبقى هذا اليوم ذكرى جميلة في حياة جميع المشاركين فيه من الضيوف ، والزوار .

ــ الكاتب الصحفي : سعيد مشلقو .

ــ الترجـمة : ماهـــر غونجــــوق .




adygvoice.ru