جمهورية الأديغي تحي يوم الإنجاص الشركسي


أحيت جمهورية الأديغي يوم السبت الماضي يوم الإجاص السنوي  الشركسي ، عند شلالات نهر رفابغو ، وللسنة الخامسة ، ويزداد عدد المشاركين ، والمعجبين فيه ، وبشكل ملحوظ كل عام ، ونحن نلتقي بهم ،بالذين يشاركون فيه دائما .                   قبل أن تصل إلى مكان الإحتفال تعرف أن المشاركين فيه كثيرون من كثرة السيارات الموجودة ، وازدحام السيارات ، وعدم وجود مكان لإيقافها فيه ، وحين تعبرالجسر الذي يقطع نهر شحغواشة ينشرح القلب ، وتحس بالفرحة ، والغبطة حين تشاهد جموع الناس ، والزوار الذين جاؤوا ليتمتعوا بجمال ذلك اليوم ، وتشعر أنك دخلت في أجواء عيد بهيج . وعند مدخل الإحتفال تستقبل وبكل ترحاب ، وحفاوة من قبل المضيفين ، وتوزع على الزائرين شارات الإحتفال ، ورموزه الشركسية ، وبعد ذلك ترى النساء الشركسيات ، وهو يقومون بإعداد الشبس ، والباسته ( العصيدة ) ، وفي قدور شركسية كبيرة ، ويقدم إليك وكما جرت الأعراف الشركسية في استقبال الضيوف الشبس والباسته لدى وصولك إلى المكان .


ــ من سار على الدرب وصل :

اجتمع الناس في الساعة الحادية عشرة صباحا ، ثم انطلقنا  لنصل إلى المكان الذي تنمو  فيه أشجار الإنجاص المعمرة  التي بلغ عمرها أكثر من مئتي عام ، كنا نحس بشيء من القلق لأن وجه السماء كان شاحبا ، ومكفهرا ، وسرنا مسافة ليست  قصيرة أبدا ، وبينما كنا نمشي تحت ظلال الأشجار ، ، ونستشنق الهواء المنعش ، المحمل  ببرودة النهر الذي كنا نسير بمحاذاته تبددت مخاوفنا ، وتلاشى قلقنا شيئا فشيئا. ورغم أن الطبيعة في بلادنا مألوفة لكثير من الناس ، والزوار  إلا أنهم ، وكلما صعدوا أكثر  ، وتوغلوا في أعالي ، وتجاويف الجبال رأوا  الكثير مما يثير دهشتهم ، وإعجابهم . بالإضافة للمشاركين في إحياء هذا اليوم ،  فإننا قد التقينا بكثير من الناس  الذين جاؤوا ليرتاحوا ، ويصطافوا عند هذه الشلالات  ، ويتمتعوا بحسن الطبيعة ، وجمالها في بلادنا . فقد التقطوا صورا تذكارية ، وسبحوا في مياه النهر ، ونحن تمتعنا بكل مانراه ، ونشاهده ، وأخذنا صورا تذكارية ، ونحن نحس بالرغبة بالتمتع بالمزيد من ألوان الحسن والجمال في بلادنا الساحرة . لم يكن الطريق في الحقيقة سهلا ، وكان بين السياح من وجد صعوبة في قطع الطريق المؤدي إلى ذلك الموقع ولأسباب صحية،  أو لتقدمهم في السن ، إلا أن من توقفوا ، وعادوا كانوا فئة قليلة جدا . ولم يشعروا بالندم من واصلوا صعودهم ، وهم يأخذون قسطا من الراحة بين آونة ، وأخرى حتى وصلوا إلى أشجار الإجاص الكبيرة بعد أن قطعوا عدة مئات من الأمتار .


ــ همسات القرون

سرنا نحو ساعة ونصف وسط جبالنا الخضراء ، ولما صرنا نرى  على الأرض ثمار الإجاص عرفنا أننا بدأنا نقترب من المكان ، وكلما اقتربنا زاد حجمها ، وبدأنا نختبر حلاة طعمها ، كانت الأشجار عالية ، وأغصانها ملتفة ، وكلما صعدنا أكثر كانت أكبر ، وأضخم كما أن جذورها كانت تمتد وبشكل أوسع ، وأعمق على ضفة النهر ، وكان أجدادنا يقومون بتطعيمها بأغصان أنواع أخرى من الإجاص ، ومن هنا كان تعدد أنواعها ، واختلاف طعمها ، ومذاقها . إن مارأيناه أعادنا إلى التاريخ ، وإلى التفكير في حياة أجدادنا ، وماضيهم ، وكيف كانوا يعملون في هذه الأرض ، وكيف كانوا يعيشون، ويربون أطفالهم ، وكيف كانوا يقيمون أفراحهم ، وأتراحهم . وما يدعو إلى العجب أن هذه الأشجار الطاعنة في السن  لم تصب وحتى يومنا هذا بالعقم رغم أن أعمارها تزيد على مئتي عام ، ومازالت تثمر ، وتعطي ، وبكل كرم ، وسخاء .


ــ أعجبوا بما رأوه كل الإعجاب

بإلإضافة لمن حضر مهرجان يوم الإجاص من مزارعي الأشجار بأطراف روسيا الإتحادية كان هناك ضيوف أجانب ، ومن بلدان أجنبية ، من مثل الإيطالي ماركو جيربين وهو  ضيف السيد مرات بيبه ، وهو يعمل خبير زراعيا في إحدى مزارع الأشجار بجمهورية قباردينا بلقاريا  ، وقال : أنه لم يسمع عن أخبار الإجاص الشركسي إلا منذ مدة قريبة ، وبرغبة ، ودعوة من مضيفه جاء ليزيد من عددها ، ويوسع عملية تنميتها ، وزراعتها ، وما أثار دهشته كيف تعيش هذه الأشجار، وهي تثمر  كل هذه السنوات دون أن يجري تسميدها بمواد كيميائية ، وأضاف إنني أريد أن أعرف السبب ، وجواب هذه السؤال .، وممن حضر الإحتفال أيضا مع عائلته السيد قسطنطين باباكين الذي اشتغل ، ولسنوات عديدة في مؤسسة  سلفيانسك نكوبان لتنمية أشجار الفاكهة الذي أعرب عن إعجابه بهذه الأشجار . ويقول : لأول مرة أزور أزور شلالات رفابغو ، وأنا مسحور بحسن الدبيعة ، وجمالها ، إلا أن إعجابي الكبير هو بهذه الأشجار المدهشة ، وأنا منذ سنوات عديدة أعمل في تنمية ، وزراعة الأشجار ، وحين أنظر إلى كثرة أنوعها أزداد رغبة في العمل بزراعة الأشجار ، وقد تكون هذه المنطقة قد انتشرت منها الأساليب المتبعة في زراعة ، وتنمية الأشجار . وقال لنا رجل الآثار التاريخية المنقب المشهور السيد أصلان تو : أن أجدادنا الشراكسة ابتكروا كرقا لتنمية أنواع الإجاص في مختلف فصول السنة ، وحتى في أيام الشتاء الباردة .


ــ العادات ، والتقاليد الشركسية أعراف ، وقوانين

الشراكسة ومنذ أقدم العصور كانوا يقدسون الأشجار، ويعتبرون أشجار الإجاص من بين الأشجار المباركة التي تحيا ببركة الله ، وتحيا تحت ظلاله ، وكانوا حين يريدون أن يخرجوا في رحلة للصيد ، أو الغزو يقومون بالرقص حولها رقصة الوج خوراي ، وقد رقصوا في هذا العيد هذه الرقصة الشركسية ، وتعالت أصوات الموسيقا الشركسية في أجواء المكان . ويحسن بنا أن نبين أن بين المشاركين في أفراح هذا اليوم كثير من الأطفال رغبة من أهلهم ، وذويهم في تعليم أبنائهم للتراث ، والتاريخ ، والعادات ، والتقاليد الشركسية . الطفل الصغير أيتش لخوج نجح إلى الصف الثالث ، وهذه الزيارة ليست له الأول ، وقبل ذلك صعد إلى هنا ، وهو على كتفه ، أما اليوم فقد جاء إلى هنا على قدميه ، وأكل الإجاص ، ورقص أيضا . الفتاة الشركسية ميلانه داور ابنة الحادية عشرة ربيعا حضرت عيد الحالوج ، واستحقت جائزة المهرجان ، ورقصت في يوم الإجاص ، وهي ترتدي السايَه الشركسية . تقول : أنا أعرف أخبار الإجاص الشركسي ، وقد حدثتني عنها أمي ، وجدتي ، وأكلتها اليوم ، وهي لذيذة ، وشهية جدا .


ــ وكانت الفطائر الشركسية شهية وطيبة أيضا

في المكان الذي تنمو في أشجار الإجاص الكبيرة ، والذي سيجري فيه الإحتفال كانت تنتظر الناس رئيسة قسم الموضوعات في هيئة الإذاعى والتلفاز السيدة  زاميرة توالتي جاءت لمواصلة تغطية مجريات ، وفعاليات هذا العيد . تتضمن النشاطات مسابقات فنية تقديم رقصات متنوعة ، وإعداد الشبس باسته ، وقد قامت بتحضيرها السيدة نوريت بيبة ، ويستطيع كل إنسان أن يختبر جودتها ، وطيب مذاقها ، ولم نجد أحدا قد شعر بالأسف أو الندم على ذلك ، وجرى تنافس في أكل الفطائر المحشوة بالإجاص ، ولم تكن المشاركة مقتصرة على الرجال لا بل شاركت فيها النساء ، والفتيات كميلانه داور ، وميلانه تسكو الذين نافسوا الكبار فيس الأكل ، وكان يتوجب على كل متنافس أن يأكل خمسة فطائر ، وفشل الجميع ، وأكل أربعة فطائر ، ونصف السيد دولت الذي استحق الفوز وبالإجماع ، وقدمت إليه الحالوج المصنوعة بالفرن أو الموقد » الحاكو » هدية له . كان العيد حافلا بالأغنيات ، والرقصات الشركسية التي لا يكون العيد عيدا بدونها فغنت جنت قبح  ، وأسعدت أعدت فرقة » كوفيت » الجميع بعروضها ، وموسيقاها ، وايقاعاتها ، ورقصاتها الجميلة .


ــ من أجل الأيام ، والأزمان المقبلة

إن لإقامة هذه الأعياد أهدافا ، وغايات متنوعة من بينها نشر الثقافة الشركسية ، وتعليم العادات ، والتقاليد الشرسية ، والتراث ، والتاريخ لأبنائنا ، وناشئتنا ، ، وتنشيط الحركة السياحية في بلادنا ، والحفاظ على غاباتنا ، وأشجارنا ، ونباتاتنا التي غرسها أجدادنا ، وتوسيع زراعتها يقول السيد مرات بيبة لاتستطيع أن تقول أن النشاطات التي نقوم بها عبثية ، ولا معنى لها أبدا فاليوم جاء من ايطاليا خبير زراعي ن ويقوم بتطعيم أنواع أشجار الإجاص المختلفة ، ففي سنة 2017 القادمة ستزرع في هذا المكان ، خمس مئة غرسة طعمت بأغصان أشجار الإجاص المختلفة الأنواع ، والتي ستظلل بأفيائها ، وتقدم ثمارها لأبنائنا وللأجيال المقبلة .


ــ الكاتب الصحفي : سييد مشلأقو .

ــ الــترجـمة : ماهـــر غـونجــوق .

adygvoice.ru