البوليتيا الشركسية : قريباً الكل سيرى - مقابلة مع أنزور قباردا وألان دجامرزا


ديميس بولاندوف، صدى القفقاس، راديو الحرية، براغ.

مقابلة مع النشطاء الشركس: أنزور قباردا في نيويورك و ألان دجامرزا في سيدني. (المقابلة باللغة الروسية). 

ترجمة تشيلر قات ونتاي أتشمز

ديميس بولاندوف :

اليوم 15/09/2015 في تمام الساعة الثالثة مساءً في موسكو وفي المركز الإعلامي لـ”روسيا اليوم” يتم إقامة مؤتمر تحت اسم: “الشركس… الماضي… الحاضر… والمستقبل” هذا ولم يتم دعوتكم للمؤتمر رغم كونكم من النشطاء الشركس، سأبدأ سؤالي متوجهاً من براغ إلى نيويورك: أنزور، لقد برزت القضية الشركسية في الأيام الأخيرة في روسيا رغم الصمت الطويل قبلاً، ويُعتقد أنّ دفع القضية نحو الواجهة كان بسبب تصريح مكسيم شيفشينكا (رئيس مجلس حقوق الإنسان التابع للرئاسة الروسية) والتوصية الرسمية للمجلس حول ضرورة استقبال شركس سوريا في روسيا الفدرالية كونهم أحد الشعوب الأصلية في روسيا الاتحادية مما يجعلهم ضمن نطاق مسؤولياتها. وتدور في الأيام الاخيرة كثير من النقاشات حول الموضوع مدعومة بالصور التي عمت العالم عن أزمة اللاجئين السوريين. هل فعلاً هذه التصريحات هي ما دفع لهذا الأمر؟

أنزور قباردا :

أعتقد أنّ كل هذا حصل لأمرين: الأول هو أزمة اللاجئين السوريين وقضيتهم التي عمّت أوروبا كلّها. والثاني هو انعقاد المؤتمر العام للجمعية الشركسية العالمية في 19/09/2015 وهي التي باتت تعاني من انتقادات واسعة بسبب عدم فعاليتها، وهذا النشاط ليس سوى محاولة لإظهار أنّها مازالت فاعلة بحيث يتم إلهاء الرأي العام من خلال إظهار نشاط معين مع السلطات الروسية.

ديميس بولاندوف :

وهل نجحوا في تحقيق ذلك؟ وما هو النشاط الفعلي للجمعية الشركسية العالمية؟ وما مدى التفاعل الروسي مع اقتراح شيفشينكا؟

أنزور قباردا :

بالنسبة لاقتراح شيفشينكا ومن خلال متابعة المواقع الالكترونية الرسمية في روسيا والتي تضمنت آراء عديدة لسياسين وبرلمانين ورجال دين مسيحين روس، فقد أظهرت هذه الآراء تضامن عام ضدّ الفكرة معتبرين أنّها غير عقلانية ومصرين على عدم استقبال الشركس، بالإضافة إلى استغرابهم من توقيت طرح هذه الفكرة. أما بالنسبة للجمعية الشركسية العالمية فهي تعمل كما كانت تعمل دائماً كشبكة عملاء وأداة للبروبغندا، وكل زياراتها السياحية للمهجر الشركسي لم تحمل من أهداف سوى تمييع القضية الشركسية في محاولة لتحسين موقفها أمام السلطات الروسية وذلك من خلال التأكيد على وقوف شراكسة العالم مع روسيا في هذه الظروف الصعبة، وهو ما يذكرنا بالسياسات التي كانت معتمدة من قبل ما كان يُسمى مجلس مكافحة الحركة الصهيونية في أيام الاتحاد السوفيتي.

ديميس بولاندوف :

سؤالي الآن موجه لألان دجامرزا في سيدني: أنت تترأس الجالية الشركسية في أستراليا هل حاولتم أن تخاطبوا الحكومات الروسية من أجل شراكسة سوريا؟ فلدي العلم بأنكم خاطبتم الأمم المتحدة بهذا الخصوص.

ألان دجامرزا :

نعم خاطبناهم، ونحن أيضاً خاطبنا الدولة الأسترالية من أجل مساعدة شركس سوريا من خلال عريضة موقعة من عشرة ألاف شركسي. ووضحنا أن شركس سوريا هم ليس فقط لاجئين بسبب الحرب في سوريا بل أيضاً هم شعب مشرّد من أيام الحرب الروسية القفقاسية، كما قد تم تهجيرهم عدة مرات أخرى خلال الأجيال الأخيرة. كما أننا حاولنا التوضيح في طلبنا للحكومة الأسترالية أنّ الشركس ليسوا فقط لاجئين بل هم أقلية غير محمية. وفي الأيام الأخيرة أعلنت أستراليا عن نيتها لاستقبال 12 ألف لاجئ سوري وبرأيي فهذه إشارة إيجابية، وأرغب هنا أن أؤكد بأننا لسنا الأقلية الوحيدة التي تقدمت بمثل هذا الطلب. وحالياً نحن نعمل ضمن البروتوكول الخاص بالـUNHCR وهي منظمة الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين من أجل اعتبار الشركس كأقلية ذات ثقافة مميزة وتاريخ قاسٍ للحصول على تصنيفات أخرى ضمن اللاجئين السورين.

ديميس بولاندوف :

سؤالي لأنزور في نيويورك: عودة إلى المؤتمر في موسكو “الشركس… الماضي… الحاضر… والمستقبل”، من خلال آراءك واطلاعي على الموضوع أستنتج عدم قيام السلطات الروسية بأي جهد لاستقبال شراكسة سوريا، هل يمكن الاستنتاج بعدم وجود أفق للتعاون مع روسيا في هذا الإطار؟ وهل يمكن لهؤلاء اللاجئين الحفاظ على هويتهم وثقافتهم في حال هجرتهم لأوروبا وأمريكا مثلاً؟

أنزور قباردا :

يوجد بالأصل في الولايات المتحدة الأمريكية جالية شركسية أساسها من سوريا وصلوا بعد احتلال الجولان السوري ومقيمين بشكل جماعي في نيوجرسي على مقربة مني في نيويورك، وقبل يومين كان هناك احتفال باليوم الشركسي هناك، حيث حضر عدد كبير من الشركس حتى من كندا، مما يعني أنّ شركس سوريا لديهم الخبرة بالإندماج في المجتمع الغربي وهو الأمر القابل للتكرار في حال قبول حكومة الولايات المتحدة باستقبل الشركس. أما حول موضوع التعاون مع روسيا فلنترك الأقوال ولننظر للعمل الذي تمّ انجازه حتى الآن: من عام 2011 ومن خلال عدة طرق للاتصال خاطبنا السلطات الروسية على كافة المستويات ضمن محاولة إجلاء وإنقاذ شركس سوريا ولكن عملياً روسيا لم تقم بشيء، وهذا الأمر يشكل جزءً يسيراً من تاريخ عدم التجاوب الروسي مع الشركس خلال الخمسة والعشرين سنة الماضية، حيث وجه الشركس طلبات متعددة لروسيا الفدرالية (وحتى قبل الأحداث في سوريا) محاولين إيجاد أرضية للتعاون في موضوع العودة لأرض الوطن والتي هي جذر القضية الشركسية… ولكن روسيا لم تفتح الباب أبداً. وهو ما يندرج في استمرارية للسياسة الروسية باتجاه الشركس خلال المائة وخمسين عاماً الماضيين، حيث تغير النظام السياسي الروسي خلالها أربع مرات ولم تتغير سياستهم تجاه الشركس. هذا الأمر أدى لتحييد الشركس في المهجر تجاه كل مواقف روسيا حيث وللأسف فقد الشركس أي أمل للعودة الجماعية إلى أرض وطنهم بسبب السياسات الروسية. مما أدى اليوم إلى توجه الشركس لإنشاء شبكات اتصال وإعادة هيكلة تناسب انتشارهم العالمي دون التوجه نحو روسيا.

ديميس بولاندوف :

بالنسبة لموضوع إعادة الهيكلة، أنت من أكثر المشجعين لإنشاء مؤسسة شركسية سياسية وهناك بعض الإشاعات عن عمل جدي ضمن هذا الإطار. هل من الممكن أن تشرح لنا أكثر عن هذه النقطة؟

أنزور قباردا :

هناك فعلاً عمل وإجراءات عديدة يتم القيام بها وقد تسرب الكثير منها للصحافة حيث ظهر اسم “البوليتيا الشركسية”، هي فعلاً منظمة سياسية سيتم الإعلان عنها قريباً رغم حملة التشويه الإعلامي الكبيرة التي تعرضنا لها، واتهاماتنا المتنوعة بالعمالة لصالح المخابرات المركزية الأمريكية ومؤسسة جيمس تاون أو السلطات الجورجية، وهو ما لا يمكن وصفه سوى بالهراء حيث ليس لنا أي صلة بهم على الإطلاق، وإنّ فكرة هذه المنظمة تمّ وضع أساسها من قبل المرحوم ألبرت قاجاروف عام 2013 من خلال دراسة النماذج المشابهة والناجحة في العالم. إلا أنه وبعد مقتله في آب 2013 توقف العمل لفترة قصيرة، و” قريباً الكل سيرى” البوليتيا الشركسية.

ديميس بولاندوف :

ألان، هل أنت عضو في هذا المشروع ؟

ألان دجامرزا :

نعم أنا عضو فيه، ونحن ندعو كل المهتمين بالقضية الشركسية والراغبين بدعمها بشتى الوسائل السلمية والقانونية للإنضمام إلينا. وذلك سعياً للحصول على كافة حقوق الشركس مثل باقي الشعوب في العالم، ومن أجل مستقبلهم ومستقبل شركيسيا الموجودة في قلوبنا جميعاً.

ديميس بولاندوف :

بالنسبة للقضية الشركسية وموضوع العودة إلى الوطن فهل يمكن مقارنتها بالحركة الصهيونية؟ وهل ستعمل مؤسستكم ضمن ذات الأسلوب لجلب الشركس لشركيسيا ؟

ألان دجامرزا :

لا يوجد شركيسيا في روسيا الفدرالية وهو ما يصعب الأمور، هناك فقط مجموعة من الناس تعيش ضمن عدة هيكليات إدارية وهم يسمون أنفسهم بالشركس. لذلك فهدفنا الرئيسي هو توحيد صف الشركس والعمل على حفظ هويتهم والعودة لشركيسيا عند توفر الفرصة المناسبة، نحن لن نطرق أبواباً لن تُفتح لنا ولن نقف عندها فهناك الكثير من مجالات العمل الأخرى أمامنا.

أنزور قباردا :

أحب أن أوضح هنا أنّ القضية الأساسية أمام الشركس المقيمين في المهجر هي الحفاظ على هويتهم وبقائهم كشعب ونقل ثقافتهم عبر الأجيال. وهو الهدف الرئيسي لمنظمتنا الجديدة من خلال التعامل مع الوضع الحالي لشتات الشركس حول العالم. أي بمعنى آخر التعليم عبر شبكات عابرة لبلدان الشتات الشركسي. أما بالنسبة لقضية العودة الشركسية فهي ستبقى قائمة رغم عدم الاقتصار عليها، لكن ووفق ما نرى من مؤشرات لن يكون هناك أي تقدم في هذا الأمر قريباً. أيضاً نحن لسنا ضد الحوار مع روسيا الفدرالية بشكل عام ولكن لن نكرر الشلل الذي أُصيبت به الحركة الشركسية خلال السنوات الأخيرة، لذا سنعمل على الحفاظ على الهوية والثقافة الشركسية ونقلها عبر الأجيال إلى حين التمكن من إحداث خرق في موضوع العودة.

ديميس بولاندوف :

هل هناك أي ارتباط مع أي جهات شركسية غير شراكسة استراليا ؟

أنزور قباردا :

أغلبية الشركس يعيشون في تركيا مما يجعلها مركز اهتمامنا، وإنّ اتصالاتنا معهم تزداد يومياً وهو ما أدى لغيظ الجمعية الشركسية العالمية، قريباً نشاطنا في تركيا سيحقق تقدماً هاماً من جهة تحييد الجمعية الشركسية العالمية هناك.

ديميس بولاندوف :

ألان، أعلم أنكم في المؤسسة تعملون على فكرة جواز السفر الشركسي، هل من الممكن أن تشرح لنا عنه وعن سبب حاجة الشركس له ؟

ألان دجامرزا :

إنّ الهدف الرئيسي من جواز السفر الشركسي هو الجزم بموضوع تحديد الهوية الشركسية وخصوصاً مع تزايد اهتمام الـ UNHCR بموضوع الأقليات، ومن المهم للشركس امتلاك وثيقة تثبت شركسيتهم. فعلى سبيل المثال يمكن لشخص يحمل المواطنة السورية من أن يملك وثيقة تؤكد الإرتباط الإثني لديه، مما يُسهل موضوع الإحصاء والتعامل أمام الجمعيات وضمان سرعة الإجراءات.

أنزور قباردا :

أحب أن أًضيف في النهاية أنّ البوليتيا الشركسية ستعمل على حفظ الهوية الشركسية بوسائل عديدة منها التوثيق عبر جواز السفر الشركسي والتي سيتمكن كل شراكسة العالم من الحصول عليه تحقيقاً لوحدة الشعب الشركسي ومقاومة التهديدات المستقبيلة.

ديميس بولاندوف :

أخيراً أعرب عن شكري لكل من أنزور قباردا من نيويورك وألان دجامرزا من سيدني.

مع الشكر الجزيل للنشطاء ( ألان دجامرزا + أنزور قباردا + مترجمين الخبر )