يقول ياكوفينكو: مثل سلفه السوفييتي، لا يمكن إصلاح نظام بوتين بل استبداله فقط


بول غوبل 

ترجمة: عادل بشقوي

    لعدة عقود قبل انهيار الاتحاد السوفياتي، كان هناك نقاش حاد بين كل من المنشقّين الروس والخبراء الغربيين بشأن ما إذا كان يمكن إصلاح النظام الشيوعي، وانه سينهار في حال توفّر أي محاولة للإصلاح، ويجب أن يحل محله بطريقة أو بأخرى شيء آخر.

            الآن هذا النقاش قد انضم إليه مرة أخرى نظام فلاديمير بوتين، مع جدال ايغور ياكوفينكو (Igor Yakovenko) بأن “الأنظمة مثل الاتحاد السوفياتي وروسيا بوتين لا يمكن لمسها أو أنها سوف تنهار”، وبشكلٍ موازٍ اقترح من خلال حقيقة أن الخطاب البوتيني (Putinist rhetoric) يشبه على نحو متزايد خطاب قادة الحزب الشيوعي السوفييتي (CPSU) في نهاية الحقبة السوفيتية (kasparov.ru/material.php?id=55901B4B9E5AC).

            ويشير المعلق الموسكوفي إلى تزامن غريب لأحداث الأيام القليلة الماضية — الاحتجاجات الأرمنية، وموت يفغيني بريماكوف (Yevgeny Primakov)، وحملة إعادة تمثال دزيرجينسكي (Dzerzhinsky) إلى ساحة لوبيانكا (Lubyanka Square) — بتلك الذكريات السنوية لمؤتمر الحزب الشيوعي التاسع عشر والمؤتمر الثامن والعشرين للحزب الشيوعي.

            قبل سبعة وعشرين عاماً الّذي افتتح في 28 يونيو/حزيران 1988، وضع مؤتمر الحزب “قيد العمل عملية التصفية الذاتية للجنة المركزية للحزب الشيوعي وتفكيك الإتحاد السوفياتي”، حيث أنّ اللجنة المركزية بكامل هيئتها التي جاءت بعد أكثر قليلاً من عامٍ واحدٍ فقط من يناير/كانون الثّاني 1987 دعت الى الشفافية (غلاسنوست)، والتحرك نحو الخصخصة، و”التفكير الجديد” في الشؤون الخارجية.

                أدّى ذلك إلى نشر الكثير من الامور التي كانت محظورة وإلى تنقيح الدستور السوفياتي في ديسمبر/كانون الأوّل 1988 للسماح باجراء انتخابات تنافسيّة، وهو الأمر الذي لم يُسمح به  منذ عام 1918، وكان “من حيث المبدأ يتعارض مع وجود الاتحاد السوفياتي والحزب الشيوعي السوفييتي في الشكل الذي وجد فيه عندما كان هذين الديناصورين موجودان في ذلك الوقت”.

اعتقد ميخائيل غورباتشوف (Mikhail Gorbachev) ان كل هذه التغيرات كانت متوافقة مع استمراره كزعيم للحزب الشيوعي السوفييتي، لكن سرعان ما أثبتت له الأحداث خطأ ذلك: العنف في ألما-آتا (Alma-Ata)، وبين أرمينيا وأذربيجان، والقتل في تبليسي، والطريقة التي استعدت بها جمهوريات البلطيق الثلاث “بشكل جدّي” لاستعادة استقلالها.

ردا على ذلك، فإن غورباتشوف وفريقه، “بدلا من محاولة تشغيل هذا الجهاز الغريب بمساعدة مُسَرِّع لإعطابه، حاول إخضاع كل شيء بالسوط وفكر بترتيب جديد للزعيم” بالجمع بين رئاسة الحزب والرئاسة في رجل واحد، وهو “قرار إنتحاري تماماً”.

أبرزت انتخابات النواب في عام 1989 ذلك الواقع، باعادة بوريس يلتسين (Boris Yeltsin) لمركز السياسة و“جلب ساخاروف (Sakharov)، ويوري افاناسييف (Yury Afanasyev)، وديمتري ليخاشيف (Dmitry Likhachev)، ويغور ياكوفليف (Yegor Yakovlev)، وسوبتشاك (Sobchak)، وستانكفيتش (Stankevich) و 250 شخصا آخرين اتّحدوا في وقت لاحق في مجموعة إقليمية للنواب. وعملت اجتماعاتهم على كهربة البلاد.

                ويقول ياكوفينكو أن أولئك الذين يتذكرون تلك الأوقات أو الذين يقرأون تصريحات مسؤولي الحزب لا يمكن إلا أن يكونوا قد تفاجئوا كيف كانت ردودهم للتغيير مشابهة تماماً لتصريحات وردود الّذين يحيطون ببوتين، مع أولئك الذين اعتادوا على أن تطاع أوامرهم باتيانهم بنفس الأفكار على الرغم من ان الوضع قد تقدّمهم.

            ويكمل ياكوفينكو، لو لم يتم إختيار غورباتشوف زعيماً للحزب في عام 1985، وكان قد تم اختيار رومانوف (Romanov) أو غريشين (Grishin) بدلا منه، “لكانت تعيش البلاد اليوم تحت سلطة آخر أمين عام للحزب”. مما لا شك فيه، فإن الاقتصاد السوفياتي لم يكن ليكون الثاني في العالم، وربما “بعض من بلدان حلف وارسو ما كانت لتتركه.

             ويقول ياكوفينكو، لكن “يكاد يكون من المؤكد أن في السياسة الداخلية، [ذلك البلد] قد يكون تحرّك باتجاه كوريا الشمالية ولكن ربما دون الملامح المتطرفة التي هي جزء من هذا البلد البارز”. وبالتالي، التجانس مع الاتحاد السوفياتي في ثمانينيات القرن الماضي وروسيا بوتين اليوم.

 ووفقا للمعلق الموسكوفي، كان لدى بوتين إمكانيّة تغيير بنسبة 100 فى المائة في أن يموت في سن متقدّمة في مكتب رئيس محطّة وقود عملاقة”. الا ان قراره جعل عجلات الإمبراطورية تتحرك من خلال حديثه عن “العالم الروسي” وضع تنفيذ عملية تصفية النفس لهذا النظام حيز التنفيذ.

                بعد أن أطلق العنان للوعي الإمبراطوري الذاتي للسكان، يتابع ياكوفينكو: “بوتين ليس فقط لا يريد ولكن لا يمكنه وقف هذا الجنون. انه يفتقر بالفعل لصلاحيات وقف الحرب التي بدأها في أوكرانيا حتى لو أراد ذلك. إنّهُ يفتقر إلى القدرة على وقف هستيريا الكراهية في وسائل الإعلام”.

            ويكمل ياكوفينكو، “حتى الاستفتاء على استعادة نصب دزيرجينسكي (Dzerzhinsky) من ناحية موضوعية غير مجدٍ للقائمين على السلطة لأن ذلك سيؤدي حتما إلى حوار عام حول طبيعة القوى الحالية، الّتي يجب أن يتم حلّها”.

            ويخلص المعلق إلى أنّهُ سيكون “من الإستهتار بمكان التّنبؤ بطول الألم” الذي يحدثه نظام بوتين، مشيرا إلى أن “الاتحاد السوفياتي وبعد اتخاذ خطوات تتعارض مع وجوده فقد عانى منها على مدار ثلاث سنوات. وقد اتخذت الخطوات التي تتعارض مع حياة روسيا قبل عام”.