بقلم: فاليري دزوتسيف
ترجمة: عادل بشقوي
12 فبراير/شباط 2015
حذر رمضان قاديروف (Ramzan Kadyrov) من أنّه قد يتم نشر القوات الشيشانية في مناطق أخرى من روسيا لمكافحة الإرهاب والتطرف. وقال، ”إذا كانت هناك مثل هذه المؤشرات [الإرهاب والتطرف] في موسكو أو في مناطق أخرى من البلاد، فسوف نكون في الطليعة لقتالهم لأن لدينا التجربة”. “لقد حصلنا في كل هذه السنوات على الكثير من الخبرة ويمكننا القتال بشكل جيد حيث سنكون في الصفوف الأولى لمثل هذا الدور. إذا أمكن القضاء على إرهابيين شيشان أو سجنهم، فإنّهُ يمكن أن يكونوا من الروس أو التتار، حيث لا توجد وسيلة أخرى. لدينا نفس الموقف تجاه جميع المواطنين في روسيا. إذا كانت هناك دلائل تطرّف، سوف نتخذ خطوات، وسوف نطلب من قيادة البلاد الاستفادة من قوات إنفاذ القانون في الشيشان تماما كما استخدمت قوات من مناطق أخرى من روسيا في الأراضي الشيشانيّة في الماضي [إبّان نظام مكافحة الإرهاب في الشيشان]” (YouTube, see 8:45 minute mark, January 22).
ومن المثير للاهتمام أن معظم خطاب قاديروف المُسجّل كان في اللغة الشيشانيّة، ولكن المقطع المذكور أعلاه كان كلياً باللغة الروسية. ومن المؤكّد أن يكون الزعيم الشيشاني قد قصد إرسال رسالة إلى المسؤولين في المؤسسة الروسية وهم الذين حاولوا أن يقتصر عمله داخل الحدود الإدارية للشّيشان. تأتي تصريحات قاديروف في الوقت الذي تقوم فيه الحكومة الروسية بالقمع بشكل صارم حتى لأدنى معارضة، وأي نوع من المعارضة السياسية يمكن أن تعتبر “تطرّفاً” بموجب القانون الروسي الغامض حول التطرف. وبسبب تدهور الوضع الاقتصادي في روسيا، قد تندلع قريبا احتجاجات شعبية كبيرة وستكون قوات قاديروف من بين أشد المؤيدين لنظام بوتين بسبب التحالف الشخصي بين الإثنين. ومع ذلك، فإن تطلعات حاكم الشيشان لتوسيع نفوذه خارج نطاق الجمهورية تثير استياء ليس فقط بين الليبراليين الروس، ولكن القوميين الروس أيضا، وربما جزء كبير من الحكومة الروسية. إن ظهور مسيرات حاشدة في الشيشان، تتعهد بشكل مسرحي بالولاء لبوتين في الجمهورية وتتوعّد بملاحقة المتطرفين عبر روسيا (see EDM, February 5) يبدو أنها تنبع من صراع رمضان قاديروف غير المرئي علناً مع الحكومة الروسية.
وفي غضون ذلك، فإن تحالف قاديروف مع بوتين ينتج رشاوى مجزية لقادروف. الشيشان المقربون من حكومة الجمهورية يتملّصون في معظم الأحيان من تطبيق العدالة عليهم بسهولة. في أحدث واقعة، يقال أن 30 رجلا من الشيشان هاجموا مكتب شركة في موسكو. اعتقل عشرة من المهاجمين، لكن أطلق سراحهم فوراً في اليوم التالي — وذلك تحرّك يكاد يكون غير عادي مطلقاً بالنسبة لتصرّف وكالات إنفاذ القانون الروسية (Slon.ru, February 6).
ومع ذلك، يعتقد بعض المراقبين أن على الكرملين أن يغير من طريقته في التعامل مع شمال القوقاز. كتب كونستانتين كازينين (Konstantin Kazenin)، وهو متخصص معروف في شمال القوقاز ومقيم في موسكو، أنه ينبغي أن توقف موسكو “النظر إلى شمال القوقاز من خلال منظار إقطاعي”، لا يُرى من خلاله في المنطقة إلا الزّعماء ومرؤوسيهم، في الوقت الّذي يوجد فيه الكثير من الناس الذين هم غير راضين عن كل من القيادة الرسمية وعن الحركة السرية المسلحة. وأوضح الخبير وجود الدعم الشعبي لقاديروف في الشيشان نتيجة لتاريخ طويل من الحروب المدمرة. وذكر كازينين: “هذا المجتمع [الشيشان] عاش في وضع حرب، والخشية من استئناف الحرب يوفر قدرا كبيرا من الدعم للسلطات طالما أن تلك السلطات تضمن أنّهُ لن تكون هناك حرب”. وقال كازينين أنّهُ نظرا للوضع الخاص في الشيشان، فإن ظاهرة شعبية قاديروف في الجمهورية هي محصورة في الجمهورية ولا يمكن تكرارها في أماكن أخرى من شمال القوقاز. وعلاوة على ذلك، فإن الشيشان لديها مشاكل على الحدود مع جيرانها على كلا الجانبين، إنغوشيا وداغستان، وأن قدرة قاديروف لحل تلك القضايا مقيدة جداً (Forbes.ru, February 5).
يتجنب كازينين بحذر أحد الأسئلة الأساسية عند مناقشة ظاهرة قاديروف — ماذا سيحدث إذا انهار التحالف بين حاكم الشيشان وحاكم روسيا؟ شعبية بوتين لا تزال في ارتفاع مع استمرار احتدام الحرب في أوكرانيا، وتأثير الإلتفاف حول العلم يوفر وسادة مقبولة له. ومع ذلك، فالحرب لا يمكن أن تستمر إلى الأبد وكلّما يصبح بوتين أكثر عدوانية في أوكرانيا، فإن العقوبات الاقتصادية المفروضة تصبح أكثر صرامة على البلاد. وقد تتعثّر شعبية بوتين بنفس السرعة التي ارتفعت بها. وأضاف الصحفي الأوكراني المعروف فيتالي بورتنيكوف (Vitaly Portnikov) انّهُ “إذا غادر بوتين، فإن نظام قاديروف إما أنه سيتم استبداله من قبل الرئيس الروسي الجديد أو سيتم القضاء عليه بسبب حرب أهلية في الشيشان”. وعلاوة على ذلك، أشار بورتنيكوف إلى أن أي أزمة على مستوى البلاد في روسيا سوف تؤدي على الفور إلى حدوث أزمة كاملة الأوصاف في شمال القوقاز، وبوتين نفسه حضّر روسيا للمتاعب المقبلة في هذه المنطقة (Krymr.com, February 6). وهناك احتمال آخر، بطبيعة الحال — إن نظام بوتين يتداعى، تاركا وراءه على أنقاضه نظام قاديروف.
إن إيماءات قاديروف المتهوّرة والتصريحات غير العادية تعني أن مواقفه إما أنها تحت هجوم أو أنها لأنّهُ يرى نفسه تحت التهديد. في الوضع السياسي الحالي في روسيا، الشيشان ليست الأولوية الأولى للرئيس بوتين، وبالتالي فإن التحالف بين قاديروف وبوتين يمكن أنّهُ قد أصبح أقل معنى أو قوّة. قد يسمح هذا التغيير للأعضاء في حاشية بوتين بشن هجمات على قاديروف، أو أن قاديروف ببساطة يقوم بمحاولة لاستعادة نفس المستوى من الأهمية الّتي كان يتمتع بها الرئيس الروسي قبل الحرب في أوكرانيا.