بقلم: عادل بشقوي
01 فبراير/شباط 2015
ليس خفياً على أحد، أن الأمة الشركسية عانت الأمرّين وهي تحاول جاهدة الدفاع عن كرامتها ووجودها وهويتها القومية أمام الأطماع الشّرّيرة والغزو الخارجي، الذي تعرضت فيه وعلى مدى عشرات السّنوات للقتل والإبادة والإحتلال والإقصاء والتشريد والتهجير القسري والنفي خارج الوطن الشّركسي الواقع في شمال القوقاز.
وبعد مرور ما يزيد على 150 عاماً منذ انتهاء الحرب المدمرة التي شنتها الإمبراطورية القيصريّة الروسيّة على شركيسيا، فإنه من واجب الأفراد والمؤسّسات الشّركسيّة سواء كان ذلك في الوطن أو في الشّتات على السواء، القيام بما يمليه عليهم الواجب الوطني والإنساني بأن يعمل الجميع على التعاون والتنسيق فيما بينهم من أجل مراعاة المقتضيات التي تستدعي تطوير آليات المشاركة مع المنظمات الدّولية التي تتبع هيئات الأمم المتحدة وخاصة المفوضية السامية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان وما يختص بإعلان الأمم المتحدة بشأن حقوق الشعوب الأصلية، وكذلك المؤسّسات والمنظّمات الحكوميّة وغير الحكوميّة في العالم، خاصة في دول الإتحاد الأوروبي والأجهزة التابعة لها والتي تهتم بقضايا حقوق الإنسان والشعوب المقموعة.
قامت قوات الإمبراطورية الرّوسيّة الغازية باقتراف جرائم الإباده الجماعيّة والتّطهير العرقي ضد الشّعب الشّركسي والتي تُعد جرائم ضد الإنسانيّة يعاقب عليها القانون الدّوليّ ولا تسقط بالتقادم أي بمرور الوقت. كان لهذه المآسيتداعياتوآثار مدمّرة خطيرة ومؤلمة ما أثّر على مجمل سكان شركيسيا بكل أطيافهم،ومن الأمور الملحة التي تحتاج إلى اهتمام من أجل معالجتها والعمل على تعميمها ونشرها بشكل عاجل هي لغة الأديغه التي تبدو في ظل الأوضاع الحالية تنزلق نحو مهاوي الإندثار، والتي ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالعناصر الضرورية للمحافظة على الثقافة الشركسية وما يرتبط بها من أدب ونثر وشعر ودراسات وفنون وعلوم وأرشفة وصناعات يدوية وتقليدية، وما يتعلق بضرورة إعتراف الجناة والمجتمع الدّولي بالإبادة الجماعيّة وبحق العودة واستعادة الحقوق المشروعة وخاصة فيما يتعلّق بحق تقرير المصير اعتماداً على الشّرعيّة الدّوليّة.
إن أبناء الشعب الشركسي المكوّن من الأبزاخ والاغركوي والبجدوغ والبسلاني والجانا والحتوقاي والشابسوغ والقباردي والكمرغوي والموخوش والناتخواي والوبيخ، مطالبون بالوقوف صفاً واحداً في مواجهة المشاريع الإقصائيّة والخطط المتعلقة بتصفية القضية الشركسية سواء من خلال خطط تشتيت وتقسيم المناطق الشركسية في شمال القوقاز أو عبر قيام السلطات الروسية بمحاولة المحافظة على الأمر الواقع والقاضي بقضم الحقوق الشركسية وإهمال موضوع شركس الشتات وتقزيمهم من خلال تشجيع الإبقاء على وضعهم بشكل دائم في أماكن إقامتهم الحاليّة عبر التعاون مع بعض رؤساء وأعضاء مجالس الجمعيات الشركسية المرتبطة سواء بشكل مباشر أو غير مباشر بالجمعيّة الشّركسيّة العالميّة.
آلية العمل الشّركسي المشترك
ومن أجل تحقيق الأهداف المصيريّة الطّموحة للأمّة الشّركسيّة، يجب الإعتماد على أساسيّات ومنطلقات إدارة آليّة العمل الشّركسي المشترك في الحاضر والمستقبل عبر التنسيق والتشاور من خلال العناصر الرّئيسيّة التاليّة:
— تشكيل لجان تأسيسية للتنسيق والإشراف على إنشاء منظّمة شركسيّة رائدة أو أكثر للحث على تحقيق أهداف الأمّة الشركسية المتعلقة باستعادة حقوقها المشروعة، وتتحول فيما بعد إلى مؤسّسات دائمة من خلال إنتخاب أعضائها وإداراتها ديمقراطياً بالإضافة إلى التفاعل مع كافّة الأعضاء.
— إيجاد لجان فرعيّة بصلاحيات واسعة تعمل وفقا للأهداف المقررة في أماكن تواجد الشّركس سواء في الوطن أو في الشّتات، وتعمل في إطار المجتمعات المحلية وفقاً لما تمليه الظروف والأحداث المحيطة والتأكيد على وحدة وسلامة الأراضي الشّركسيّة.
— وضع برنامج متكامل، يجسّد الهياكل التنظيميةأفقياً وعمودياً، بما يتسق مع الواجباتالملقاة على عاتقها، وما يجب القيام به في كافة مجالات الحياة، من أجل نشر الوعي في مستويات مختلفة، وبأشكال متعددة، بين أفراد الشعب الشركسي، من أجل المشاركة في العمل القومي الشركسي، على كافة المستويات والأصعدة.
— إيضاح الأساليب التي سيتماتباعها للتنسيق والتعاون بهدف اعتمادها في تنشيط الإتّصال المباشر وغير المباشرمع أفراد المجتمعات الشركسية بلا استثناء،وتمتين الروابط المشتركة بين الشراكسة المقيمين في الوطن الشركسي وأقرانهم في الشتات.
— العمل على قيام منظومة إعلاميّة شركسيّة مستقلّة من خلال استعمال الوسائل الصّوتيّة والمرئية والالكترونيّة لتعمل على مخاطبة الشّركس والعالم على حدٍ سواء، من أجل كشف الأساليب العنصريّة والفاشيّة التي انتهجتها وما تزال تنتهجها الحكومات الروسية المتعاقبة.
— عقد النّدوات والإجتماعات والمؤتمرات المتخصصة في القضية الشركسية، ومطالبة هيئة الأمم المتحدة ودول الإتحاد الاوروبي والولايات المتحدة الأمريكية وكافة منظّمات حقوق الانسان القيام بواجبها الإنسانيمن أجل الاعتراف بحق تقرير المصير واستعادة الحقوق الشركسية المصادرة.
— الدّفع باتجاه تشجيعالنشاطات الإجتماعية والثقافية والمدنية والاقتصاديةوالسياسية، من أجل مساندة مسارات القضية الشركسية المختلفة أينما كان وحيثما كان ذلك ممكناً.
— الأهم من ذلك كله التصرف ضمن أسلوب إفساح المجال للعمل أمام كل من يستطيع تقديم الجهد المطلوب وفقاً للاحترام المتبادل مع الآخرين والثقة بالنفس والإستماع للآراء الخلاقة التي يتقدمون بها بعيداً عن الأنانية وسلوك حب الذات، وعدم السماح لأي كان أن يجعل الموضوع مرهون بشخص معين أو لأي جهة معيْنة!
التّوقّعات المستقبليّة
إن التعنت الذي أبداه الروس ولا يزالون، أظهر حقداً دفيناً لكل ما هو قفقاسي و/أو شركسي، ناسين أو متناسين أن العدالة ستتحقق حتماً، وسيستعيد كل ذي حقٍ حقّه. وما يبعث على الأسف هو أن البعض يقيم علاقات صداقة متينة مع الذين لا يعترفون في المقام الأول بأن للشراكسة وطناً شركسياً، بل وينكرون عليهم الحق في ممارسة حقوقهم المشروعة وحقهم في وطنهم وفقا للإعلان العالمي لحقوق الإنسان (http://www.un.org/ar/documents/udhr/) وإعلان الأمم المتحدة بشأن حقوق الشعوب الأصلية (http://www.un.org/arabic/events/indigenous/2008/declaration.shtml) وحتّى وفقاً للقوانين الروسية. إن اعتبار وجود قضية وجب الدفاع عنها بشتّى الوسائل والسُّبُل المشروعة يتطلب العمل الجاد، ولن يتغاضى عن ذلك كل من له قلب ينبض بالحياة والأمل، لأن من يفقد وطنه يفقد كل شيء، و “الحقيقة يوماً ستسود، وما تبقّى “مع مرور الوقت” سوف يزول”.