رئيس جناح الشباب في الأديغه خاسه، تيمور جوجويف
الكاتب: فاليري دزوتسيف
ترجمة: عادل بشقوي
في 27 يونيو/حزيران، عقدت المنظمة الشركسية أديغه خاسه (Adyge Khase) مؤتمراً في كراشيفو-شركيسيا. واتهم المشاركون سلطات الجمهورية بإهمال القرى الشركسية وممارسة الضغوط على مصالح الأعمال الشركسية، مطالبين بعقد مؤتمرٍ استثنائيٍ للشعب الشركسي. ويتهم الشركس في كراشيفو-شركيسيا سلطات الجمهورية بالإهمال المعتاد لاحتياجات المناطق التي يقطنها الشركس، والتمييز ضد مصالح الأعمال الشركسية وتوزيع الوظائف الحكومية على أساس الإنتساب العشائري. ويقول النشطاء أنّهُ نتيجة لذلك، فإن المناطق التي يقطنها الشركس في الجمهورية تعاني من البطالة المزمنة، مما اضطر الشباب إلى البحث عن فرص في أجزاء أخرى من البلاد (onkavkaz.com, June 30).
كراشيفو-شركيسيا هي جمهورية صغيرة في القوقاز الشمالي-الغربي ولكنها ذات تنوع عرقي. والكاراشاي الناطقين باللغة التركية يشكلون الأغلبية في هذه الجمهورية. العرقيّين الروس هم ثاني أكبر مجموعة ويأتي الشركس (Circassians) في المركز الثالث. وتشمل مجموعات هامة أخرى من الناحية السياسية الأباظة (Abaza) والنوغاي (Nogais). كل من الكاراشاي والشركس يوصفون أنّهم “مجموعات مهيمنة في الجمهورية، وتحظى بمناصب قيادية مسيطرة في الحياة السياسية في كراشيفو-شركيسيا. العرقيّين الرّوس، ورغم أنهم يؤلّفون ما يقرب من ثلث سكان الجمهورية، إلا أنهم خاملين سياسيا، في حين أن العرقيتين الصغيرتين عددياً الأباظة والنوغاي لها حكماً ذاتياً خاصاً بها ضمن كراشيفو-شركيسيا. ونتيجة لازدواج العرقية إلى حد كبير في الجمهورية، فإن المعارك السياسية الرئيسية هي بين الكاراشاي والشركس. ووصلت هذه التوترات إلى ذروتها خلال الحملة الانتخابية لرئاسة الجمهوريّة في عام 1999، عندما كانت كراشيفو-شركيسيا على شفا حرب أهلية. ويحذر الآن بعض الخبراء من أن كراشيفو-شركسيا قد تسير مرة أخرى في اتجاه صراع عرقي.
حاكم الجمهورية، رشيد تيمريزوف
يبدو أن السلطات تضغط على الديريف (Derevs)، وهي عائلة شركسية بارزة ينتسب لها عضو في مجلس الإتحاد (المجلس الأعلى في البرلمان الروسي)، ما دفع ذلك إلى تصاعد التوتر. فياتشيسلاف ديريف (Vyacheslav Derev)، هو عضو في مجلس الاتحاد (الغرفة العليا في البرلمان الروسي) وهو الذي حاول حشد التأييد بين الجمهور الواسع (politika09.com, June 29). حذر رئيس جناح الشباب في الأديغه خاسه، تيمور جوجويف (Timur Zhuzhuev)، حاكم الجمهورية، رشيد تيمريزوف (Rashid Temrezov)، وطالبه باحترام قادة الشركس. “للوهلة الأولى، فإن صراعات النخبة لا ترتبط بالناس العاديين ولكن، من ناحية أخرى، تعبرالنخب عن مصالح شعوبها، وقال جوجويف، إذا انهارت مصالح أعمال النخب التجارية، وإذا كانت الأعمال التجارية ترتبط مع قومية معينة، فإن عامة الناس سيفقدون أعمالهم. “ولذلك، فإننا سندافع عن نخبنا”. ووفقا لزعيم الشباب الشركسي، فإنّهُ بصرف النظر عن التوترات الحاصلة بين السلطات التي يهيمن عليها الكراشاي ومصالح الأعمال الشركسية، سيكون هناك صراع على الموارد قد يتكشف بين عشائر الكراشاي أنفسهم (Kavkazskaya Politika, June 3).
الاقتصاد السياسي للعلاقات العرقية في الجمهورية هو أكثر تعقيدا بكثير من علاقات ديريف مع نخب كراشاي. وتشكو مصالح الأعمال الشركسية بأن لعقود الحكومية تعطى إلى أفراد في الحكومة وهم الذين بدورهم يتعاقدون فرعياً مع المؤسسات الشركسية. ولكن حتى ذلك ليس جديداً في الجمهورية وليس من المرجح أن يتسبب في حدوث التّوتّرات الاخيرة. وقال زعيم أديغه خاسه محمد شيركيسوف (Muhamed Cherkesov): “في ظل ظروف أزمة وحرب عقوبات دوليّة، ضعفت العديد من الشركات كثيراً بحيث أنها أدركت أن النّجاة بمفردها سيكون صعباً للغاية”. ووفقا لشيركيسوف، ليست فقط المؤسسات الصغيرة هي التي تواجه المشاكل — الشركات الكبيرة التي كانت تشعر بالأمان أصبحت تعاني من ضغوط شديدة نتيجة للظروف الاقتصادية المتغيرة. في الوقت نفسه، يقول محمدوف (Muhamedov)، بأن الأزمة فاقمت الفساد بشكل هائل. وبالتالي، مشاكل الفساد والمحسوبية التي بقيت دون حل، وجنبا إلى جنب مع الأزمة الاقتصادية المتنامية في روسيا، تجبر كافة الأطراف التجارية، وكذلك العائلات العادية، على الدخول في منافسة شرسة على الموارد (onkavkaz.com, June 30).
الأزمة الاقتصادية في شمال القوقاز لها خصوصياتها مقارنة بأجزاء أخرى من البلاد. واحدة، هي أزمة تجعل الركود الاقتصادي يثير التوترات بين الجماعات العرقية المختلفة. وأخرى أن اعتماد جمهوريات شمال القوقاز كثيراً على المساعدات الحكومية من موسكو يعني أن الحكومة هي تقريبا المصدر الهام الوحيد للدخل. إن هذا يجعل الصراع من أجل السيطرة على الحكومة الإقليمية وميزانيتها حيوياً لبقاء تنافس المجموعات العرقية.
إن محاولة موسكو إخفاء غياب التمويل الحكومي من خلال إيجاد طرق جديدة مبتكرة لتوزيعها (Jamestown, June 30) لا يعالج الصراعات القائمة أو الاحتياجات الفعلية للمناطق في البلاد. وبدلا من مناقشة المشاكل المتصلة بالأزمة الاقتصادية بشكل علني، فقد لجأت موسكو إلى حرب الدعاية. ومع ذلك، كما يظهر الوضع في كراشيفو-شركيسيا، فإن مطالب العدالة الاقتصادية سرعان ما تتحول إلى مطالب عرقية وسياسية يصعب معالجتها دون تغييرات كبيرة في الطريقة التي تدار بها المنطقة حالياً. إن الضغوط الاقتصادية والتوترات العرقية ذات الصلة في كراشيفو-شركيسيا تظهر كيف ولماذا يحتمل أن تقود الأزمة الاقتصادية إلى إصلاحات سياسيّة.
المصدر: