إبراهيم تسي - الكاتب الذي لا ينسى

سنة ( 2015 ) هي عام  الأدبروسيا الإتحادية  ، والأدب هو أحــد جوانــب الحــياة الثقافيــة ، وبناء على ذلك فإن فضل أوائل الأدباء ، والكتاب الشراكسة الذين وضعوا اللبنـات الأولى للأدب الشركسي ، ومهدوا الطريق له كبير جدا ، ولا حد له .

الخطوات الأولى دائما تكون صعبة للغاية ، والكتاب الذين رسخوا جذور أدبنا ، وبدؤوا الطريق هم كل من الكاتب الكبير : " تيمبوت كراشه ،  وأحمد حتقو ، وإبراهيم تسي " الذين يرفع الشعب الشركسي أسماءهم عاليا ، ويقدر عطاءاتهم ، وجهودهم ، ويشيد بهم ، ولا ينسى أبدا فضلهم .

 إن ما قدمه الكاتب الكبير ،  والخالد ، والذي لم يقدر له أن يحيا أكثر من ست وأربعين عاما الأديب إبراهيم تسي لايتناسب أبدا مع سنوات حياته القصيرة ، فقد أعطى ، وقدم الكثير لشعبه ، وبكل سخاء ، ووفاء ، وإخلاص . بذل الجهد ، والعرق ليسير شعبه الشركسي إلى الأمام ، وفي طريق سوي ، ويحيا وبكل نقاء ، ونزاهة . لقد أغنى الثقافة القومية بأفكاره ، وأعماله الأدبية المبدعة التي أنتجتها قريحته ، وموهبته  الفنية . ولد كاتبنا إبراهيم تسي في قرية شِنْجيّ العائدة  لمنطقة التختمقواي في الحادي عشر من شهر كانون الثاني سنة ( 1890 ) ميلادية . ومنذ نعومة أظفاره عرف بتهذيبه ، وميله للعلم ، والمعرفة ، ولم يكن ليتجاوز    التاسعة من عمره عندما التحق بمدرسة أليكساندروفسك بمدينة يَكاتْرينَدار ، ودرس فيها ست سنوات أي حتى سنة ( 1907 ) ، ثم عمل منذ سنة (1908) وحتى ( 1916 ) بائعا  للتذاكر في المسرح كما اشتغل كاتبا في السجل العدلي ، وعاملا عاديا في أحد المستودعات ، وفي مصنع للمنتجات المعدنية ، ومارس أعمالا أخرى ومختلفة حيث كان يقوم بأي عمل يجده ودون أي تمييز إلا أن الكتابة كانت شغله الشاغل الذي لايكل ، ولا يمل منه .

 بدأ ينشر كل ما يكتبه منذ سنة (1912) ، وكان يكتب باللغتين الشركسية ، والروسية . كتب قصته الأولى سنة ( 1913 ) وأسماها " الجبلي المثقف " ، كما كتب قصة " السيارة " سنة ( 1914 ) ، وقد أصدر هاتين القصتين بمدينة بيتربورغ وقامت بنشرها " صحيفة مُسْلِمانسكَيا " ، ونشرفي صحيفة " الصدى المايكوبية " القصص التالية : " المحرومين " ، و " عند الغسق " ، و " الصدأ " ، وغيرها من القصص ، والحكايات الأخرى . بعد ثورة أوكتوبر ومنذ سنة  ( 1920 ) ساهم إبراهيم تسي ــ وطوال حياته ـ في تنظيم الحياة الجديدة بهمة عالية ، ونشاط كبير حيث أسندت إليه مناصب متعددة ، وقام بأعمال مختلفة ، ولسنوات عديدة ، ومتتالية في اللجنة التنفيذية لإدارة منطقة الأديغي بعد تأسيس المقاطعة .

 شغل منصب رئيس قسم شؤون الأراضي في اللجنة التنفيذية لمقاطعة الأديغي . وعمل في منصب رئيس لرابطة الوكلاء الزراعيين في قيادة المقاطعة ، والسكرتير المسؤول في رابطة الكتاب الأديغيين ، وكان رئيس قسم الشؤون الفنية في اللجنة التنفيذية لمقاطعة الأديغي . عاش إبراهيم تسي حياته وهو ينفذ جميع المهام ، والأعمال ، والمناصب التي تسند إليه بفهم ، ودراية ، وخبرة ، ومعرفة ، مع ممارسته لأعماله الكتابية . وكان يوجه اهتمامه الكبير لزيادة غنى أدبنا الشركسي الفتي ، والمعاصر ،  محاولا أن يجدد فيه ، ويفتح كُوة نور فيه . كتب باللغة الشركسية في عالمي الشعر والنثر إلا أنه تألق أكثر في كتاباته ، وأعماله المسرحية ، ومن مسرحياته : : " الإبن المدلل  " كتبها بالروسية سنة      ( 1925 ) ، وأصدر باللغة الشركسية عام ( 1929 ) رواية " الوحيد " وفي سنة ( 1932 ) ألف قصة " فرحة فاطمة "  ، ومسرحية " لا تريد " باللغة الشركسية ، وفي سنة ( 1934 ) كتب حكايات ، وأساطير باللغة الشركسية  والروسية ونشرها في الصحف والمجلات الصادرة آنذاك .

 ولم ينس إبراهيم تسي الأطفال ، فكتب لهم أيضا قصة شعرية أسماها  " صدقة طعام للأرنب " سنة ( 1935 ) . قام بترجمة الأعمال الكلاسيكية لكل من الكتاب الروس التالية أسماؤهم : كورنِيّ تشوكوفسك ، ساموئيل مارشاك ، وغيرهم إلى اللغة الشركسسية ، وبذل جهدا كبيرا في جمع أدبنا الشعبي (المحكي ) ، وفي تحليلها ، ودراستها ، وتدقيقها ، وترجمتها إلى اللغة الروسية ، وإصدارها . 

عمل كل ما يستطيع من أجل تربية ، وتعليم أبناء شعبنا الشركسي ليعيش حياة سعيدة ، وكان يعرف تماما امكانيات  الفن ، وطاقاته اللامحدودة كي يدرك الشعب ، ويعي ذاته ، فوضع البداية الأولى ، وحجر الأساس للفن المسرحي ، وافتتحوا المسرح الفني ، وأصبح مدرسا فيه ، ومديرا له . وكان المسرح يقدم ، ويعرض المسرحيات ، والتمثيليات التي كان إبراهيم تسي يكتبها لهم ، وكان يقوم بمهام ، وأعمال ريجيسير المسرح .

 أصدرت المطبعة الشركسية كتبه المختارة في السنوات " 1965 ، 1990 ، 2000 "  ، وأطلق اسمه على المسرح القومي ( الفيلرمونيا ) الموجود بمدينة مايكوب . في السابع من شهر أيلول سنة ( 1936 ) انطفأت شعلة حياته ، وودع هذه الدنيا في وقت مبكر . وهو إن لم يحي إلا مدة قصيرة إلا أنه أعطى ، وقدم الكثير ، فعمل لخير ، ومستقبل شعبنا الشركسي ، واشتغل من أجل نمو ، وتقدم أدبنا القومي . 

في الحادي عشر من شهر كانون الثاني احتفل بمرور مئة وخمس وعشرين سنة على ميلاده . لن ينس الشعب الشركسي فضل الأديب ، والكاتب المسرحي إبراهيم تسي الذي عمل بكل صدق ، وإخلاص طوال حياته للناس ، وسيذكرون للأجيال المقبلة إغناءه للفكر ، والثقافة القومية الشركسية .

ــ الكاتبة الصحفية : نوريت مامروقو .

ــ الترجــمة : محــمـد ماهـــر إســلام .

اديغه ماق