ورد أن أوضاع اللاجئين الشركس من سوريا في كراشيفو - شركيسيا متزعزعة



بواسطة: فاليري دزوتسيف 
ترجمة: عادل بشقوي

طالما تدور رحى الحرب الأهلية في سوريا والشركس يحاولون الهرب من هناك إلى بلدان أخرى، لكن كان عدد قليل منهم قادرا على العودة إلى وطنهم التاريخي في شمال القوقاز. حفنة قليلة من الشركس انتهى بهم المطاف في كراشيفو - شركيسيا، حيث أن الشركس فيها هم المجموعة العرقية الإسمية، لكنهم يشكلون حوالي 12٪ فقط من إجمالي عدد سكان الجمهورية. ووفقاً لذلك، ورد أن اللاجئين الشركس من سوريا الذين يقيمون حاليا في كراشيفو - شركيسيا هم في أكثر الأوضاع غير المستقرة منهم جميعاً.

بعد استلام اللاجئين الشركس دعوة للقدوم ويدخلوا إلى الفيدرالية الروسية، يتقدمون بطلب للحصول على تصريح إقامة مؤقت. لقد سهّلت الحكومة الروسية هذا الإجراء بالنسبة للاجئين العرقيين الروس من أوكرانيا، ولكن ليس للاجئين من سوريا. وأشار الناشط الشركسي محمد شيركيسوف بازدراء كيف أن الحكومة الروسية تمنح الوضع القانوني للاجئين اعتمادا على خلفياتهم العرقية. "هذا [التصريح القانوني للعيش في روسيا] يتعلق باللاجئين الأوكرانيين. الشركس السوريون لا يحصلون على مثل هذا الوضع، لأنهم يُعتبرون بأنهم ضيوف، لذلك لا تتوفر لهم أية فوائد". القانون الروسي يضع أساساً مسؤولية حل مشاكل اللاجئين من سورية على اللاجئين أنفسهم. فعلى سبيل المثال، من أجل التقدم بطلب للحصول على تصريح إقامة مؤقت، لا بد أن يكون لكل عضو من أفراد العائلة اللاجئة ما قيمته 12 ضعف من أدنى أجر — حوالي 3000 دولار للشخص الواحد. يتم منح تصريح لمدة ثلاث سنوات، لكن لابد من تثبيته كل عام، ويُطلب بأن يكون لكل شخص في العائلة ما يعادل 3،000 دولار في كل مرّة. وبطبيعة الحال، فإنّ هذا الشرط يشكل تحديا جدياً كبيراً لللاجئين المعدمين. وبالإضافة إلى ذلك، تردّد أن الحكومة الإقليمية في كراشيفو - شركيسيا لا توفر العون الطبي للاجئين، الذين عليهم، بالتالي، أن يقوموا بتغطية النفقات الطبية الخاصة بهم. قام النشطاء الشركس بتوزيع اللاجئين من سوريا على منازل خاصة في قرى خابز وعلي - بردوكوفسكي وإرسكون وكذلك في عاصمة الجمهورية، شركيسك 

وكراشيفو - شركيسيا هي جمهورية صغيرة، لكن متنوعة عرقيا إلى حد بعيد. ويشكل العرقيين الكاراشاي، وهو شعب ناطق باللغة التركية 41 في المئة من السكان؛ ويأتي من هم من أصل روسي في المرتبة الثانية، بحوالي 32 في المئة من مجموع عدد السكان؛ بينما يأتي الشركس في المركز الثالث بنسبة 12 في المئة. الأباظة — وهم مجموعة عرقية تقع لغويا بين الشركس والأبخاز — يشكّلون 8 في المئة. ومجموعة عرقية أخرى ناطقة باللغة التركية، هي النوغاي الذين هم قريبون من العرقيين الكازاخ حيث يشكّلون 3 في المئة من سكان الجمهورية. العرقيّون الكاراشاي والشركس هما المجموعتان العرقيتان الأكثر تأثيرا في الجمهورية، ولكن العرقيين الكاراشاي يميلون للسيطرة على حكومة الجمهوريّة. انخفضت نسبة الّذين هم من أصل روسي في كراشيفو - شركيسيا من 42 في المئة في عام 1989 إلى 32 في المئة في عام 2010. وفي نفس الفترة، ارتفعت نسبة العرقيّين الكاراشاي من 31 في المئة إلى 41 في المئة. وارتفع عدد الشركس في الجمهورية لنفس الفترة من 10 إلى 12 في المئة

وفي الوقت نفسه، فإن المنظمة الشركسية للعودة إلى الوطن 
وهي منظمة شركسية مكرسة لعودة الشركس إلى وطنهم، أعلنت عن بدء جمع البيانات عن العائدين واللاجئين الشركس. وتتعاون المنظمة الشركسية للعودة إلى الوطن مع المنظمات غير الحكومية وحكومات الجمهوريات الشركسية في شمال القوقاز، وتحاول تنسيق جهود النشطاء الشركس لمساعدة المحتاجين، وخاصة في سوريا. ووفقا لإحصائيات جمعتها المنظمة، استوعبت الجمهوريات الشركسية في شمال القوقاز 1،624 لاجئاً من سوريا. أكثر من 1،000 منهم استقروا في قباردينو - بلكاريا وحوالي 600 في أديغيا ويقيم حاليا 24 لاجئاً فقط في كراشيفو - شركيسيا ومن أجل المقارنة، هناك حوالي 6،000 لاجئ شركسي في تركيا و 4،000 في الأردن، في حين استوعبت بلدان أخرى 2،000 لاجئ شركسي آخر من سوريا التي مزقتها الحرب. وذكرت المنظمة الشركسية للعودة إلى الوطن كذلك أنّه “بناءً على عدد القرى الشركسية المهجورة والمجتمعات الشركسية في مدن سوريا٫ فإنّ عدد اللاجئين في داخل سوريا يقدّر بحوالي 15،000 

على الرغم من قلة عدد اللاجئين الشركس النسبي من سوريا، إلا أن موسكو كانت مترددة جدا للسماح لهم بالدخول. ولحسن الحظ فإنّه بالنسبة للاجئين الشركس، تزامنت الازمة في سوريا مع دورة الالعاب الاولمبية الشتوية في سوتشي في وقت سابق من هذا العام، لذلك يبدو أن السلطات الروسية كانت أكثر تساهلاً في السماح لبعض اللاجئين الشركس من منطقة الحرب الاهلية في الشرق الأوسط بالدّخول، وذلك من آجل تخفيف المعارضة الشركسية لأولمبياد سوتشي. لكن، وعندما أصبحت موسكو أكثر اطمئنانا بأنه يمكنها السيطرة على الوضع في المواقع الأولمبية وعدم الخشية من الاحتجاجات الشركسية، ازدادت قيود التأشيرة وكذلك الضغوط على النشطاء الشركس. وقمعت الحكومة احتجاجات صغيرة في نالتشيك، عاصمة قباردينو - بلكاريا، التي وقعت في يوم افتتاح دورة الألعاب الأولمبية 

ويبدو أن إستراتيجية الحكومة الروسية تجاه اللاجئين الشركس من سوريا تطورت إلى استراتيجية إحتواء متمرّسة. فبدلا من حظر تدفق اللاجئين الشركس من سوريا بشكل صريح، إلا أن الحكومة الروسية ترفض منحهم تأشيرات دخول. هؤلاء اللاجئين الذين تمكنوا من العبور لا يتلقوا أي مساعدة من الحكومة. المنظمات الشركسية التي كانت قادرة على تقديم المساعدة لعدد كبير من اللاجئين، مثل منظمة بيريت فقد تم إيقاف عملها منذ ذلك الحين. ويبدو أنه يتم تجاهل مجموعات صغيرة من الناشطين الشركس الذين يمكنهم أن يساعدوا فقط حفنة من اللاجئين من سوريا، حيث أن موسكو لا تبدو انها تمتنع عن قبول عدد ضئيل من العائدين الشركس.

المصدر: