لماذا روسيا بوتين هي أضعف من اتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفياتية، وفق رسم بياني


ترجمة: عادل بشقوي

منذ غزت روسيا أوكرانيا، كان هناك الكثير من المقارنات بين روسيا بوتين والاتحاد السوفياتي. هناك الكثير من الأخطاء بهذه المقارنة، بدءا من نقطة واحدة واضحة إلى حد ما: لم تكن الإمبراطورية السوفياتية هي روسيا فقط. كانت الجمهوريات السوفياتية في الاتحاد السوفياتي نفسه ودول "الستار الحديدي" التابعة له في شرق أوروبا كانت من أهم المساهمين في السلطة السوفياتية. وحتماً لا يمكن لبوتين أن يستهويهم بنفس طريقة أسلافه السوفيات.

ولترى فقط كم يهم ذلك، تحقق من هذا الرسم البياني للاقتصادات الحليفة للسوفيات من جيه بي مورغانمايكل سمباليست رئيس مجلس إدارة شركة الاستثمار لشؤون السوق واستراتيجية الاستثمار وضع قائمة من المؤشرات الاقتصادية الهامة لكل بلد - الناتج المحلي الإجمالي، ومعدل التجارة، الخ.. إن هذه ليست قيمة تافهة من الثروة: ويظهر سمباليست بأن الناتج المحلي الإجمالي الحالي لهذه الدول مجتمعة يساوي تقريبا الناتج المحلي الإجمالي لروسيا، وأن حجم تجارتها يبلغ أكبر بمرتين ونصف منها.

ما وجده هو أن الجزء الأكبر من القوة الاقتصادية في الكتلة الشيوعية السابقة ليست تحت سيطرة بوتين الآن، وغالبا ما تصطف ضده. معظم تلك القوة هي الآن في حلف الناتو و/أو دول الاتحاد الأوروبي، مثل بولندا وجزء من ألمانيا كان يدعى ألمانيا الشرقية، أو بلدان يرى سمباليست بأن النفوذ الروسي فيها سيكون محدوداً إلى حد ما.

كل عامود في الرسم البياني يقيس عاملاً إقتصادياً في جميع الدول التي كانت جزءا من الإتحاد السوفياتي أو تحت سيطرته المباشرة أو غير المباشرة، باستثناء روسيا نفسها. وتنقسم الأعمدة، حسب اللون، بين دول تتكامل بشكل وثيق أو تتماشى مع روسيا في الوقت الحاضر (الأحمر)، ودول تصطف ضد روسيا (الأزرق)، ودول تقع في مكان ما بين الإثنين (برتقالي وأصفر).

وهكذا فإن موسكو لا يزال لديها درجة معينة من التأثير على الكثير من الثروات والموارد والأراضي الصالحة للزراعة التي كانت لديها في الحقبة السوفياتية، ولكن الأصول الاقتصادية الأكثر أهمية بكثير مثل التجارة، والخدمات المصرفية، والملكية الفكرية، والناتج المحلي الإجمالي الصافي تحولت منذ ذلك الحين إلى التحالفات الغربية. إن ذلك مؤشراً صارخاً جداً عن مدى ضعف روسيا في الوقت الحاضر دون تلك الدول الهامة، التي معظمها في أوروبا الشرقية، والتي احتضنت الغرب منذ ذلك الحين.

"في حين أن الفيدراليّة الرّوسيّة تحيك للسير في مسار متباين بشكل متزايد عن الغرب"، يستنتج سمباليست، "بأن الاستقلال الاقتصادي والسياسي الّذي تحقّق لمعظم بلدان الكتلة السوفياتية في أوائل أعوام التسعينيات من القرن الماضي لا يبدو في خطر أو لأن يكون تراجعاً جدياً إلى الخلف أو يتحول إلى إتحاد سوفياتي ثاني انه يكاد من المؤكّد أن يكون على حق.

لمعرفة المزيد عن الأزمة في أوكرانيا، إقرأ الشرح الكامل، وشاهدة الفيديو لمدة دقيقتين أدناه:

هل أزمة أوكرانيا هي حرب باردة جديدة؟

ليس صحيحاً. كانت الحرب الباردة نضالاً عالمياً من أجل الهيمنة بين قطبين، قوتان متكافئتان تقريبا. قامتا بتقسيم أوروبا بين الغرب والشرق ومن ثم تقسيم جزء كبير من العالم. وشملت حروباً دمويّةً بالوكالة في كل قارة تقريباً، وأثارت خطراً شديداً جداً من حدوث حرب نووية دولية.

لا شيء من ذلك صحيحاً اليوم. الولايات المتحدة هي عدة مرات أكثر قوة وتأثيرا من روسيا. لا أمريكا ولا العالم الغربي ولا الديمقراطية نفسها تحت أي خطر حقيقي. ومرة أخرى لهذه النقطة، حيث أن كل العالم تقريباً يعارض ضم روسيا لشبه جزيرة القرم. ووصف الرئيس أوباما أداء روسيا في هذا المجال بأنه سلوك دولة ضعيفة. وهو على حق إلى حدٍ بعيد، مع أن روسيا تبدو بوضوح بأنها لا تزال قوية بما يكفي لضم أراضٍ مجاورة.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يتصرف بالتأكيد كما لو أن بلاده في منافسة جيوسياسية مع الغرب. لقد أصبح أكثر عدوانية حول تأكيد النفوذ الروسي: لقد خاض حربا قصيرة مع الجمهورية السوفياتية السابقة جورجيا في عام 2008، وأنشأ إتحاد التجارة الأوراسي الّذي يريده أن يصبح منافسا للإتحاد الأوروبي، ويقوم بتسليح وحماية الحكومة السورية وكأن الحرب في ذلك البلد هي صراع بالوكالة على نمط الحرب الباردة. يريد بوتين بوضوح إستعادة بعض من عظمة روسيا الماضية، والذي يعني في الواقع تأكيد القوة الروسية وأظهار نفسه كمنافس شرعي للعالم الغربي. 

ومع ذلك، فإن هذه المنافسة تقتصر على الجمهوريات السوفياتية السابقة وسوريا. وهي ليست في مكان قريب من الصراع العالمي للحرب الباردة.

المصدر: