الشراكسة يعتزمون إنشاء مجموعة إقليمية مستقلة في شركيسيا

الصورة: المشاركون في إجتماع الناشطين الشركس للتخطيط لإنشاءمنظمة إقليمية مستقلة جديدة 

تيمور جو  اسلان بيشتو  اسلان علييف

بتاريخ 17 مارس/آذار، كشفت منظمات شركسية في كل من جمهوريتي قباردينو – بلكاريا وكراشيفو – شركيسيا خططاً لإنشاء منظمة إقليمية مستقلة جديدة. وجاء هذا التحرك من قبل الناشطين الشركس بعد اعلان حكومة كراشيفو – شركيسيا أنها ستغلق المنظمة الشركسية في الجمهورية، أديغه خاسه البرلمان الشركسي. وقال تيمور جوجيف ، رئيس مجموعة الشباب الشركس، أديغه خاسه، ان “الشراكسة من مناطق مختلفة نظروا إلى محاولة الحكومة إغلاق المنظمة بألم شديد.” “العديد من الناس أرادوا أن يأتوا إلى كراشيفو – شركيسيا من جمهوريتي أديغيا وقباردينو – بلكاريا، لكن القرار المنطقي للمحكمة خفّف من درجة التوتر، حيث حضر وفد قباردينو – بلكاريا فقط.” في السابق، تلقّىت منظمة أديغه خاسه — البرلمان الشركسي تمديداً لفترة من أجل إفساح المجال لتصحيح الانتهاكات المزعومة للقانون. طلبت وزارة العدل في جمهورية كراشيفو – شركيسيا من المنظمة أن تقدم، قبل 7 أبريل/نيسان، وثائق تثبت أن المنظمة قامت بتصحيح المخالفات (Kavkazsky Uzel, March 19).

وفقا للنشطاء الشركس، فإن الحكومة فرضت ضغطاً على المنظمة في كراشيفو – شركيسيا لأسباب سياسية. في العام الماضي، نددت المنظمات الشركسية في كل من  كراشيفو – شركيسيا وأديغيا بإعادة انتخاب خاوتي سوخروكوف رئيسا للجمعية الشركسية العالمية. وانتقد العديد من الناشطين الشركس سوخروكوف لتهاونه وتردّده في الدفاع عن المصالح الشركسية. من الذين انتقدوا  سوخروكوف في جمهورية أديغيا، آدم بوغوص، ما اضطره إلى الاستقالة من منصبه في المنظمة الشركسية في الجمهورية. ووفقا للنشطاء الشركس، فإن السلطات في كراشيفو – شركيسيا، قررت حل المنظمة تماماً. اتهمت الحكومة أديغه خاسة—البرلمان الشركسي في كراشيفو – شركيسيا “بإنتهاكات للنظام الأساسي للمنظمة،” “انتهاكات المساواة في الحقوق بين أعضاء المنظمة،” وهلم جرا. وعلاوة على ذلك، ادّعى مسؤول في وزارة العدل في جمهورية كراشيفو – شركيسيا بأن الحزمة التي وردتهم من المنظمة احتوت على “أوراق بيضاء فارغة.” وعلّق على ذلك القيادي في المنظّمة، محمد شيركيسوف ، ونفى ارتكاب أيّة مخالفات، وادّعى أن المنظمة امتثلت تماما لمتطلبات الحكومة. ووفقا لشيركيسوف، لم يعجب سلطات الجمهورية، الأديغه خاسه في كراشيفو – شركيسيا منذ تأسيسها في عام 2002؛ لكن هذه هي المرة الأولى التي حاولت إغلاقها (Natpressru.info, March 11).


تميل الحكومات الإقليمية في شمال القوقاز للسيطرة على المنظمات المدنية بإحكام كلي، والمنظمات الشركسية ليست استثناء. ويقال إن إدارة كراشيفو – شركيسيا تفكّر ملياً في خياراتها في تعيين زعيم العرقيّين الأباظة، في حين أن نشطاء المنظمة يقولون ان الأباظة فقط يجب أن يقرروا من الذي سوف يتزعمهم (Politika09.com, March 22). وأباظة هم أقلية أخرى في كراشيفو – شركيسيا وهم الذين لديهم حكماً ذاتياً ضمن الجمهورية. ويرتبط الأباظة لغويا بالشركس والأبخاز. ومع ذلك، خلافا لمعظم الجمهوريات الأخرى في شمال القوقاز، فإن كراشيفو – شركيسيا متشظّية سياسيا. وهي واحدة من أكثر المناطق في التنوع العرقي في شمال القوقاز. إلى جانب العرقيّين الكاراشاي، وهي مجموعة عرقية ناطقة باللغة التركية، فإن الجمهورية هي موطن للشركس، والأباظة، والنوغاي وللّذين هم من أصل روسي. ويسمح الانقسام السياسي في الجمهورية لمنظمات المجتمع المدني بأن تعمل بحرية أكثر قليلا من أي مكان آخر في المنطقة.

وقد أعرب العديد من النشطاء الشركس عن خيبة أملهم من أنشطة الجمعية الشركسية العالمية بسبب “خيانتها” للمصالح الشركسية. على سبيل المثال، أيّدتْ الجمعية الشركسية العالمية (ICA) أولمبياد سوتشي في عام 2014، خلافا لتوقعات العديد من الشركس، الذين عارضوا الحدث بشدة كونه جرى على الأرض الّتي أبادت الجيوش الروسية أسلافهم عليها في القرن التاسع عشر.

بما ان الاحتجاجات لم تنجح في تغيير قيادة الجمعية الشركسية العالمية، فإن الناشطين الشركس في أنحاء شمال القوقاز ملتزمون الآن لتأسيس منظمة أخرى. وسوف تكون المنظمات الشركسية من أديغيا، وقباردينو – بلكاريا، وكراشيفو – شركيسيا، ومنطقة كراسنودار ومناطق أخرى جزءا من منظمة جديدة. ويقول المنظمون إن الشركس عبر هذه المناطق يشتركون في نفس اللغة والثقافة — التي هي، على حد تعبير أحد الناشطين، أصلان بشتو، يجعل من الطبيعي التوحد فقط “من أجل النمو المشترك للثقافة في فضاء ثقافي موحّد.” ويحرص المنظمون على عدم الإساءة إلى الجمعية الشركسية العالمية، التي على ما يبدو أن لديها في الحكومة حلفاء أقوياء. بدلا من ذلك، أكد بشتو أن الجمعية الشركسية العالمية هي منظمة في “مستوى أعلى” في حين أن المنظمة الجديدة التي يقترح الناشطين الشركس تأسيسها ستعمل على مستوى القاعدة الشّعبية (Kavkazsky Uzel, March 19).

وقد انتقد العديد من الناشطين الشركس حقيقة أن سياسة الحكومة الروسية “فرق تسد” قد سادت في مناطقهم. ويعيش العرقيين الشركس حاليا في خمسة على الأقل من المناطق المجاورة ويشكلون أغلبية فقط في واحدة منها وهي — قباردينو – بلكاريا. وفي حال نجاح المنظمة الجديدة، سوف تساعد على تنسيق جهود الشركس عبر الحدود الإدارية للمناطق في شمال القوقاز. ومع ذلك، من المحتمل جداً، أن الحكومة ستحاول إما منع مثل هذه المنظمة بأن تتشكل أو يتم اختراقها بالسلاح من قبل عملاء الحكومة.

ومن المفارقات، في حين أن موسكو تتحدث في أغلب الأحيان عن الصداقة بين مجموعات مختلفة وعن السلام في منطقة شمال القوقاز، والتي تعج بالتوترات بين الأعراق، إلا أنها لا تحبذ العلاقات الأفقية بين المناطق. وبالتالي، فإنه عملياً ليس هناك أي صحيفة مستقلة أو منظمات مستقلة عبرالمناطق. لقد تم بناء الهيكل السياسي للدولة الروسية على أساس وجود مركز سياسي واحد هو موسكو، التي تدير مركزياً كل المناطق ولا تسمح بتشكيل المجموعات الإقليمية التي يمكن أن تتحدى الدولة المركزية. إذا تم تشكيلها، فإن المنظمة الشركسية الإقاليمية قد تصبح الأولى من نوعها في شمال القوقاز، التي لا بد أن يكون لها تأثير كبير على الوضع في المنطقة.

الكاتب: فاليري دزوتساتي

ترجمة: عادل بشقوي

المصدر: