هل تعرف وَسْمَ العائلة ؟


يعيش الشعب الشركسي مشتتا في مختلف بلدان العالم ، وأشقاؤنا وأينما استقروا لم ينسوا  أبدا وسم ، أو رمز عائلاتهم ، أو قبائلهم . مئات الآلاف منهم وأن فقدوا لغتهم الأم إلا َّ أنهم لم يفقدوا انتماءهم لقوميتهم الشركسية ، ولأصولهم ، ورموز عائلاتهم أو قبائلهم .

ومنذ أقدم العصور التاريخية اتخذت كل عشيرة كبيرة أومشهورة  وسما ( وشما ) خاصا لها يميزها عن القبائل الأخرى ، وكانوا يدمغون بها حيواناتهم من خيول ، وأبقار ، وقد يكون للعشيرة ، أو العائلة أكثر من وسم واحد كيلا تختلط حيوانات أبناء العمومة .

البَرَتـَر ، والنـَبْسَوْ ، والتشمْبَخـُو ، والحَلاشـْتـَهْ

هؤلاء وغيرهم يبحثون عن رموز عائلاتهم ، ويسألون المختصين والباحثين ، ويتصلون بأسرة التحرير في صحيفتنا ، ومن بينهم عائلة البرتر .                     ـــ يقول أحدهم : أنا وجدت وسما ، إلا ّ أنني سمعت أنَ لعائلتنا وسما آخر.                  ـــ أنا أعيش في مدينة مايكوب ، وأريد أن أضع رمز عائلتنا على جدار المنزل أشبه بصورة أو لوحة جميلة ، وجيراننا من عائلة حَلاشتـَه يبحثون عن وسم عائلتهم أيضا إلاَ  أَنهم لم يعثروا عليه حتى الآن . في قريتنا غوبقواي هناك الكثيرون فيها  من مثل هؤلاء ، ويريدون أن يعرفوا رموز عائلاتهم . وفي جامْبَتشِيَه ْ تعيش كثير من الأسر ، والعشائر ، ويحدثنا السيد أنزور تـْشـَمْبَخـُو مدرب لعبة حمل الأثقال في القرية قائلا : أبناؤنا الرياضيون يرغبون معرفة رموز عائلاتهم . نحن نقرأ ما يكتبه الباحثون إلا َ أننا لم نعرف شيئا أو نقرأ خبرا عن رمز أو وسم عائلة تشمبخو .      ــ يقول مدرب لعبة الجيدو السيد بيسلان نبْسَو : بحثت كثيرا عن وسم عائلتنا لكنني لم أجد من يعطيني جوابا شافيا .   

المصارع أنزاور وَرْدَنْ

                                                                                        عندما ينزل هذا البطل الشركسي إلى الحلبة  تجد على لباسه رمز العائلة ، وهو من بين منتخب أبطال روسيا الإتحادية بلعبة الجيدو ، ومن قرية بشج حابله الشركسية ، وأنا ألتقي كثيرا بالعديد من أبناء أشقائنا الرياضيين ، وأتحدث معهم ، ومن المؤسف  أنهم لا يجهلون رموز عائلاتهم فحسب ، وإنما لا يستطيعون أن يقولوا لك وبصورة جيدة أنسابهم باللغة الشركسية . وإن سارت أحوالنا وعلى هذه الشاكلة فإلى أين سنصل ؟. أضف إلى ذلك عدم اهتمامهم وبالقدر الكافي بلغتهم الشركسية الأم ، كل ذلك يثير لدينا الكثير من المخاوف في أن نصبح من أولئك الذين يجهلون أصولهم ، ولا يعرفون هويتهم القومية . لدينا الباحثون والمؤرخون ، والمهتمون بالقضايا والشؤون القومية ، ومن ينتمي إلى عائلات ، وأنساب معروفة ، وإن تضافرت جهود هؤلاء فإن الكثير من شجوننا ، ومخاوفنا سوف تقل وبصورة ظاهرة وملحوظة .

ــ ما يزيدنا قوة واعتزازا

من أنهار جمهورية الأديغي نهر رُفابْغـُوَ ، وهو يصب في نهر شْحَهْ جُوَاشَه ْ ، ويذكر الدكتور والباحث الشركسي المرحوم قاسم مرتقو في كتابه تاريخ الأسماء الشركسية أن النهر يمكن أن يكون قد حمل هذا الاسم  من  الاسم الذي كان الشراكسة يطلقونه على الجبل الذي ينبع منه ، حيث كانوا يسمونه سِر ِفـِبْغُ ، وهو ليس مجرد جبل للنزهة والاصطياف ، بل هو في غاية المتعة والجمال يتوافد إليه السياح  من كل حدب وصَوب ، من روستوف ، وفولجَغراد ، ولينين جراد ، وسيبيريا ، وغيرها من أنحاء روسيا المترامية الأطراف . وتشاهد عليه رموز ، وأوسام القبائل والعشائر الشركسية ، وصورا تعرفك بمشاهد من تاريخ الشعب الشركسي ، وإن اقتربت من العارضة الخشبية التي علقت هناك عرفت المسار التاريخي للشعب الشركسي ، وتداخله مع تاريخ روسيا الإتحادية  ، فتحس بالفخر والقوة والاعتزاز. 

 المدرب نجم كبير في عالم الرياضة : البطل الشركسي العالمي ، والذي حصل على مراتب عالية ، ومستويات عالمية بلعبة حمل الأثقال السيد مراد بيبة ، هو من أبناء مدينة مايكوب . وخلال المرحلة السوفيتية فاز ولثلاث مرات ببطولة  الاتحاد السوفيتي في القتال المسلح ، وحصل على الميدالية الفضية في مسابقات بطولة الاتحاد السوفيتي ، ولم يقم مدربه القدير البطل خواج مجيد الذي يحمل لقب استحقاق مدرب الاتحاد السوفيتي  بإعداده ، وتأهيله للمشاركة في المسابقات الدولية والعالمية فحسب ، وإنما ملأ قلبه بالأحاسيس والمشاعر الشركسية ، يشهد على ذلك المنتزه الذي افتتحه قرب رُفابْغـُو ، وعندما جلسنا معه أخذ يحدثنا ، وهو يرينا رموز، وأوسام القبائل الشركسية ، وبشكل يدل على سعة وعمق ثقافته ، ومعرفته . وقد وضعوا شجرة نسب العائلة ، ويفكرون في إصدار كتاب عن عائلة الجَدْ قواي.يقول كيم جدقواي : أبناء عائلتنا يدرسون وبصورة جيدة ، وأقربائي يعيشون في قرية بْلـَشَ بسِنـَه ْ ، وأنا أعيش في مدينة مايكوب . يواصل الحديث السيد مصطفى أحد أبناء عمومتهم ، والذي جاء من قباردينا بلقاريا ، وقال معي كل من روسلان وأرتور ، وغيرهم ، وأنا أعتبر أنه كان يتوجب علينا أن نلتقي ومنذ وقت بعيد . وتقول حَزْريلـَهْ جَدْ قواي : نحن نعيش في جمهورية القرشاي شرجس ، وسنعرف أبناءنا وناشئتنا برمز عائلتنا ، وقالت لقد لاحظت أننا نتكلم لغة أو لهجة واحدة ، ولنا وسم واحد  ، ونحن من عشيرة واحدة أيضا . واجتمع هناك أيضا ، وفي ذلك المكان عائلة البَرَنِقو ، والشَّحَلاخـُوَ ، وغيرهم .

 عائلة السِّيمْبولـَتْ ، والشَّحَلاخـُوَ

 العارضة الخشبية لعائلة السيمبولت أعدت ، وبصورة عجيبة ، ومدهشة ، والذي أشرف على صنعها الرجل الاقتصادي كيم الإنسان المدلل ، والمكرم بقرية ولابة ، وهو حامل لقب استحقاق رجل الاقتصاد  بجمهورية روسيا الإتحادية ، وقد قال لنا : أن أفراد عائلتهم يزيد عددها على مئة وخمسين فردا ، وأعداد الشبان الذين هم في سن الزواج كثيرون ، لذلك فإن العائلة ستزداد ، وستكبر ، أما صور كبار المسنين لهذه العائلة فموجودة على اللوحة الخشبية للعائلة ، وهم يرتدون الزي الشركسي الجميل ، وهم يشكلون جذور العائلة : السيد شَحَمْ تشري ، وأصلان ، ويور . ومنذ سنة 1795 انقسمت العائلة سبعة بطون أو أفخاذ .

اعجاب الطلبة ودهشتهم  

ما حدثتنا به عميدة كلية جامعة العلوم التكنولوجية الدكتورة فاطمة بَشْـوَ  صار خبرا دوليا ، ففي كل سنة يعدون لطلبة الجامعة جولات علمية ، فيزورون المناطق السياحية الجميلة ، ويتعرفون على تاريخه ، وتواصل السيدة فاطمة حديثها فتقول : يشارك في نشاطاتنا طلبة من خمسة عشر بلدا من أفغانستان ، والسودان ، والمغرب ، وتركمانيا ، وإسرائيل ، وغيرها . وهم معجبون كثيرا بجمال جمهورية الأديغي ، وما أثار دهشتهم رموز ، وأوسام العائلات الشركسية ، واجتماعهم ، ولقاءاتهم ، واتصالهم ببعض هاتفيا ، وسؤال أبناء العمومة الواحدة الذين يعيشون في بلدان المهجر عن أصولهم ، وأقربائهم في الوطن الأم ، كما يؤدون الرقصات الشركسية ، وكانت فتيات عائلة السيمبولت يجلسون ، ويرتاحون  على سفح الجبل ، وهم يستمعون إلى صوت خرير النهر ، وكانت أصوات غناء بعض الصبايا تزيدنا فرحا وبهجة ، وسعادة . وهم يعرفون رمز العائلة ، ويستمعون وباهتمام إلى منظمي هذا النشاط القومي ، وما يروونه لهم من أخبار ، وأحداث تاريخية . ويقوم كل من الباحثين التالية أسماؤهم بأعمال كثيرة وفي غاية الأهمية في التعريف برموز وأوسام العائلات الشركسية وهم كل من : الدكتور لتراي يدج ، والدكتور علي تـْشايَقـُوَ ، وماهر لأبَه ْ ، وغيرهم ، ولكن ذلك يجب أن لايدعونا إلى الاسترخاء ، أو التواني ، فهناك قبائل ، وعشائر شركسية بعيش في أكثر من خمس وخمسين بلدا ، ويجب أن نتعرف على أنسابهم ، ورموز عائلاتهم التي تجمعهم ، وتألف بينهم ، ومن أجل حياة  أفضل ، ومستقبل أسعد .

الكاتب الصحفي : نور بي يمطل .   

الترجمة إلى العربية : محمد ماهر إسلام .    

اديغة ماق - صوت الشراكسة